الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مرة أخرى يعود موضوع تنظيم أوقات عمل محلات التجزئة ومنافذ البيع إلى واجهة النقاش الاجتماعي بين مؤيد لمشروع هذا النظام أو التنظيم الذي لم يعتمد بعد ومتحفظ بشأنه وغير مؤيد له على الاطلاق، فكما هو معروف أن تحديد ساعات العمل في المحلات التجارية كان ضمن مشروع نظام مقترح من احد أعضاء مجلس الشورى منذ نحو عشر سنوات، كما كان أيضاً ضمن توصيات الحوار الاجتماعي الأول الذي أقيم منذ أربع سنوات في مدينة الرياض وتبنته وزارة العمل حينها في محاولة منها لتطوير بيئة العمل في القطاع الخاص وتحويله إلى بيئة جاذبة للأيدي العاملة الوطنية من خلال تقليص الفجوة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي فيما يتعلق بساعات العمل والاجازات التي هي احد أسباب عزوف السعوديين عن العمل في القطاع الخاص، وبالذات في قطاع التجزئة التي تفيد بعض الدراسات أنه يوظف أكثر من مليون ونصف المليون عامل اغلبهم من العمالة الوافدة، وقد صيغ مشروع تنظيم لهذا الغرض أشير إلى أنه يتضمن الزام كافة المحلات ومنافذ البيع في جميع مناطق المملكة بالعمل لفترة واحدة تبدأ من الساعة السادسة صباحاً إلى التاسعة مساءً، يستثنى من ذلك المحلات التجارية ومنافذ البيع في المنطقة المركزية بمكة المكرمة والمدينة المنورة، إضافة إلى المطاعم والمقاهي ومرافق الترفيه والاحتياجات الضرورية مثل الصيدليات ومحطات الوقود، ويبدو أن تجربة القطاع البنكي كانت ملهمة في هذا الشأن، حيث إن إعادة تنظيم ساعات العمل بها لتكون على فترة واحدة بدلاً من فترتين قد زادت من نسبة التوطين في هذا القطاع المالي مقارنة بما كان عليه الحال قبل ذلك.
إن مما هو ملاحظ أن السواد الأعظم من غير المؤيدين لهذا التنظيم هم من المتسوقين والمستهلكين بوجه عام وهو أمر متوقع فبعض الدراسات تشير إلى أن 60% من المتسوقين يخرجون للترفيه ومعرفة ما في الأسواق بينما 40% فقط من أولئك هم من يأخذون قرار الشراء في رحلة التسوق تلك، مما يجعل غالبيتهم يطلبون دوماً مساحة أوسع من الوقت، مع ذلك لازال هناك بعدان مكانيان لا يبدو أنه تم أخذهما في الاعتبار في يتعلق بمشروع هذا التنظيم، الأول هو اتساع المملكة وترامي أطرافها وبالتالي نشوء تباين واضح في التوقيت ما بين بعض المناطق الأمر الذي يجعل من غير المناسب توحيد ساعات البدء والانتهاء في فترة عمل المحلات التجارية لكافة المناطق دون الأخذ في الاعتبار الظروف المحلية لكل منطقة نتيجة هذا الاختلاف في التوقيت، البعد المكاني الثاني والذي أعتقد أنه الأهـم هو الشكل الذي تظهـر فيه تلك المحـلات التجـارية ومنافـذ البيـع، الــتي إما أن تكون شريطية على امتداد الشوارع الرئيسية، أو أن تكون ضمن إطار مراكز ومجمعات تجارية فالأولى التي تمثل في الواقع لب القضية هي من يسبب التنامي في اعداد الأيدي العاملة الوافدة للعمل بهــا والهدر في الاستهلاك للسلع التجاريـة وبالذات محددة مدة الصلاحية، والاستنزاف للطاقة، والازدحام المروري واعاقة حركة النقل أثناء التوزيع اليومي للسلع على تلك المحلات، أو وصول المتسوقين إليها، وتقليص الحيز السكني المتاح في المباني السكنية التجارية، وخلاف ذلك من الجوانب السلبية التي لا يتسع المجال لاستعراضها جميعاً، وذلك مقارنة بحجم دور المحلات التجارية ومنافذ البيع في المراكز والمجمعات التجارية في حدة أزمة هذه القضية، من ثم فإنه من الأهمية بمكان أن يشتمل مشروع التنظيم الذي يتوقع أن يصدر قريباً لتحديد ساعات العمل في المحلات التجارية على ما يشجع استقطاب منافذ البيع لتكون ضمن المراكز والمجمعات التجارية، ويحد أو يقلل في ذات الوقت من ازدياد المحلات التجارية الشريطية، لتحل مكانها وحدات سكنية نحن أحوج ما نكون في مدننا إلى المزيد منها.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال