من البرازيل احدثكم .. لماذا لاتكون لدينا “سبراي”؟

الامين العام للمركز البرازيلي السعودي للاستثمار والتجارة والصناعة – البرازيل

إن أكبر المشكلات التي تواجهة المنشآت الصغيرة هي استمرارية اعمالها في ظل الاجواء والظروف التنافسية شديدة الصعوبة التي يفرضها سوق الاعمال سواء على المستوى المحلي او الدولي ، و كذلك الحصول على التمويل و غيرها من الصعاب ، ولهذا فانه من المهم وجود الهيئات و التجمعات الداعمة لها سواء كانت حكومية او خاصة حاضنة لهذه المنشآت الصغيرة تعمل على احتضان ورعاية ودعم – بشكل مباشر او غير مباشر – اصحاب الافكار الابداعية و المشروعات ذات النمو العالي داخل حيز مكاني محدّد.

في العشرين السنة الماضية و مع الاهتمام بقطاع المنشآت الصغيرة و بروز الدور الحيوي التي تلعبه في الاقتصادات الدولية ، بدات الحكومات في انشاء الهيئات الراعية والحاضنة بالشراكة مع القطاع الخاص. ففي العالم حاليا اكثر من 3500 هيئة و حاضنة للاعمال، منها 1000 فقط في الولايات المتحدة و 465 في الصين و 200 في كوريا الجنوية . القاسم المشترك لهذه الهيئات والحاضنات تقديم خدمات اساسية مشتركة لدعم ريادي الاعمال والمنشآت الصغيرة وتسهيل البدء في مشاريعهم ومساعدة القائمة منها على اسس ومقاييس متطورة ، وكذلك مساعدتها في الوصول والحصول على الموارد المالية التي تناسب طبيعة كل مشروع ، بجانب توفير الخدمات الادارية الاساسية فهي تقدم المعونة والاستشارات الفنية المتخصصة والتسويقية.

البرازيل من الدول التي ادركت منذ عقود طويلة اهمية الدور الكبير لهذه المنشآت الصغيرة في اقتصادها، ففي البرازيل اكثر من 200 هيئة وحاضنة تدعم هذه المنشآت، ولكن في البرازيل تبرز دائرة دعم المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر المعروفة اختصارا SEBRAE “سبراي”. تأسست سبراي في عام 1972 م كهيئة اهلية غير ربحية مهمتها الاساسية تعزيز التنمية المستدامة والتنافسية للشركات الصغيرة في البرازيل ، وشهدت سبراي نمو في الخدمات التي تقدمها و زيادة في عدد مراكزها بشكل كبير في العقدين الاخيرين .

تعتبر سبراي في البرازيل اهم داعم للمنشآت الصغيرة من خلال الخدمات التي تقدمها وخبرتها الطويلة في هذه المجال. “سبراي” اليوم لها اكثر من 700 مركز منتشرة على طول خريطة البرازيل مما يسهل القيام بتقديم خدماتها والوصول الى اكبر شريحة من ريادي الاعمال، منها 27 مزكر اساسي في عواصم الولايات البرازيلية بالاضافة الى المركز الوطني لها في العاصمة الاتحادية للبرازيل برازيليا، و يعمل فيها 5000 خبير في مجال المنشآت الصغيرة ، بالاضافة الى ان سبراي تستعين بخدمات مجموعة كبيرة من المشتشارين.

المركز الوطني لسبراي في برازيليا مسؤول عن التوجية الاستراتجي للنظام العام عن طريق وضع المبادي التوجيهية وأوليات العمل، وتقوم المراكز التابعة له في الولايات على تطوير الاجراءات وفقا للواقع الاقليمي للولاية بما يتوافق مع التوجهات الوطنية واحتياجات الولاية التي تعمل فيها .

لاكثر من 40 سنة ، تعمل سبراي على تعزيز روح المبادرة وتسهيل الاجراءات البيروقراطية لتاسيس المنشآت الصغيرة من خلال شراكات مع القطاعين العام والخاص، والتي مكنت سبراي من تقديم البرامج التدريبية ، واقامة المعارض والنداوات ، وتسهيل حصول المنشآت الصغيرة على القروض والتمويل وتحفيز الابتكار لدى ريادي الاعمال . كما ان “سبراي” تقوم على تشجيع تاسيس الجمعيات و الحاضنات التي تعمل على خدمة قطاع شباب الاعمال.

ان الحلول والخدمات التي تقدمها “سبراي” تلبي أحتياجات رواد الاعمال الذين يريدون البدء في اعمالهم ، وكذلك المنشآت الصغيرة القائمة حتى تصبح اكثر تنظيما وجاذبية للعملاء وتنافسية في السوق يساعدها في ذلك العدد الضخم من المراكز التابعة لها ، والكادر الكبير من الموظفين فيها ، هذا الكادر يعمل من أجل نقل المعرفة لرواد الاعمال واصحاب المنشآت الصغيرة في جميع القطاعات .
ومع وجود كيان مثل سبراي في البرازيل وغيره من الهيئات و الحاضنات فلا غرابة ان تتضاعف مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة في الناتج المحلي الاجمالي للبرازيل الى اربع مرات خلال عشر سنوات فقط .

اخيرا، السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لايكون لدينا في السعودية هيئة متخصصة في المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر شبيهة لـ “سبراي” البرازيلية تستطيع مساعدة هذا القطاع بشكل اكبر وتزيل العوائق البورقراطية الحكومية من امامه قبل اي شئ آخر.