الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
اهتزت الأسواق العالمية مؤخرا بعد ظهور نتائج التصويت في الاستفتاء البريطاني حول الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكأن الاقتصاد العالمي كان ينقصه ضغوطات سلبية جديدة ليأتي التصويت بالخروج ويزيد الطين بلة. انخفض الجنيه الاسترليني بأكثر من ١٠٪ وهبطت الأسهم بقوة وارتفع الذهب. بعد ذلك بعدة أيام، بقي الجنيه منخفضا واستعادت الأسهم مستوياتها السابقة بل وحققت بعض المؤشرات العالمية أرقاما تاريخية جديدة.
في تلك الفترة، عاد الحديث عن الذهب كملاذ آمن، وارتفع ليسجل مستويات لم يصل اليها منذ سنتين لكنه لم يحافظ عليها وعاد للانخفاض. بالنسبة لي، أكد الذهب مرة أخرى أنه لا يعتمد عليه كملاذ آمن، فهو يتفاعل مع أي أزمة بوقت قصير جدا ثم يعود للتفاعل كسلعة مضاربية بحتة. من أساسيات أي شيء ليكون ملاذا آمنا أن يحافظ على قيمة الأموال ويحميها من الانخفاض بسبب الصعوبات الاقتصادية وهذا ما لا يوفره الذهب على الأقل في الثلاث سنوات الأخيرة.
في العملات كان الفرنك السويسري يعتبر من الملاذات الآمنة نظرا للاستقرار الحكومي و الثقة بالبنك المركزي، لكن الأمر تغير بعض الشيء بعد ما حدث في يناير من العام الماضي عندما فاجأ البنك المركزي السويسري العالم بتخفيض الفائدة وإلغاء الربط باليورو مما تسبب بخسائر ضخمة جدا للعديد من المستثمرين والبنوك والمؤسسات المالية.
الين الياباني أيضا كان في السابق مقصدا للباحثين عن الملاذات الآمنة، لكنه منذ سنوات أصبح الأداة التي تستخدمها اليابان لمحاولة تعويض ما خسرته اقتصاديا لصالح الصين، وذلك عبر إضعاف العملة مرات كثيرة لتشجيع الصادرات بالإضافة الى استخدام وسائل أخرى تجعل الين يتأرجح كثيرا.
ما هو الملاذ الآمن إذن؟
هذا السؤال يطرح علي كلما تحدثت عن الملاذات الآمنة والإجابة أنه لا يؤكد أي ملاذ آمن مضمون حاليا. لا يوجد أي نوع من الأصول أو العملات التي من الممكن أتحفظ على قيمتها بدون مخاطر وقابلة للتسييل الفوري عند الحاجة. ليست الإجابة سلبية ولا متشائمة، لكننا في زمن أصبحت بعض السندات ذات فائدة سلبية، أي أنك تشتري السند وتدفع فوائد للبائع مقابل أن تستمر في حيازة السند، ومثل ذلك بعض الودائع في البنوك ذات فائدة سلبية. نحن في عصر الفوائد الصفرية والسيولة الشحيحة والقروض المتعثرة والتوزيعات المنخفضة.
يبقى الدولار أفضل من غيره، لأنه عملة القوة العظمى الوحيدة والعملة الوحيدة التي يمكن صرفها في آي مكان في العالم والطلب عليها لا يقل أبدا. طالما بقيت السندات الأميركية تثير شهية الدول الأخرى واستمرت الولايات المتحدة في سيطرتها السياسية على العالم، فإن الدولار سيستمر بنفس القوة.
كل الأصول والعملات، حتى الدولار، أحبت مخاطرها أكبر من السابق، لذلك فإن الاتجاه للاستثمار أفضل من محاولة البحث عن ملاذ آمن غير متوفر. الاستثمار مخاطره يمكن حسابها وعوائده ممكن توقعها. التنويع في الاستثمارات يقلل من المخاطر وينوع في العوائد، وهذا ما أراه ضمانة المستثمر الحقيقية على المدى البعيد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال