الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مدير تطوير أعمال الطاقة الشمسية
ولاية أريزونا، الولايات المتحدة
binsharidah1@
ما يحدث في قطاع الطاقة هذه الأيام كان يبدو مستحيلاً قبل سنوات قليلة. فقد قالت هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) في مايو 2016م، أنها تلقت عروضاً لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية التي من شأنها إيصال الكهرباء بتكلفة أقل من ثلاثة سنتات لكل كيلو واط ساعة. أنشأ هذا مستوى منخفض جديد في جميع أنحاء العالم لتغطية تكاليف التعاقد على تقديم الطاقة الشمسية إلى الشبكة – وبأسعار أقل بكثير من المعيار الذي تدفعه الحكومات لشراء الكهرباء في العالم.
في المملكة المتحدة UK، والتي تشتهر بطقسها الغائم والممطر، قد ساهمت فيها الطاقة الشمسية في ضخ المزيد من الطاقة إلى الشبكة أكثر من محطات الفحم لشهر مايو 2016م. والأمثلة التي تتوافق مع هذه الحالة كثيرة جداً، فقد حدث مؤخراً في عدة دول مثل البرتغال وألمانيا وتشيلي حيث أن أسعار الكهرباء بلغت مستوى الصفر، وذلك بسبب فائض الإنتاج المستمد من الطاقة المتجددة. وفي لوس انجلوس LA، وهي الداعمة وبقوة للطاقة الشمسية قامت شركة AES بتركيب أكبر بطارية في العالم، مع القدرة على تشغيل مئات الآلاف من المنازل في أوقات ارتفاع الطلب، وذلك لتحل محل المحطات التي تعمل على الغاز والتي غالباً ما تستخدم في وقت قصير لزيادة العرض على الشبكة.
أما على مستوى وسائل النقل والطيران فقد أكملت الطائرة “Solar Impulse 2″، والتي تعمل بالطاقة الشمسية، جولتها حول العالم بعد هبوطها في أبو ظبي في دولة الإمارات. بعد أن حلقت فوق أربع قارات، وثلاثة بحار، ومحيطين خلال رحلتها التي تضمنت 17 مرحلة. السؤال هنا: من منا قبل خمس سنوات قد خطر بباله أنه سيكون هناك طائرة تزن 2.3 طن وتعمل كلياً بالطاقة الشمسية وتجوب أنحاء العالم دون استخدام قطرة وقود واحدة؟! بالتأكيد هذا دليل قطعي على أن تطور التكنولوجيا لن يتوقف هنا بل سيبتعد أكثر من ذلك بكثير جداً.
يجب أن نعلم أنه في كل وقت وزمان تحدث طفرة تكنولوجية معينة وتستمر هذه التكنولوجيا في التطور والنمو حتى تصل إلى مرحلة النضج الكلي، والتي يصعب معها تقليل التكاليف أو حتى الاعتماد عليها بشكل كامل. وهذا بالتأكيد ما يحدث لنا الآن مع تكنولوجيا النفط أو ما يسمى بالصناعة النفطية، فمع تقدم الوقت أصبحت التكلفة الاستخراجية أكثر تضخماً من ذي قبل مما جعل أغلب الدول المنتجة تخسر تدريجياً بسبب زيادة التكاليف وقلة سعر المنتج في السوق العالمي وذلك لعوامل اقتصادية كثيرة، والحقيقة أن مجال التطوير لهذه الفئة يصعب التعامل معه عند وصوله إلى هذه المرحلة.
بينما الطاقة المتجددة تشهد نمواً سريعاً إضافة إلى تناقص بالتكاليف في بعض أنواعها التي انخفضت إلى 75% مقارنة بعام 2009م، حيث أنها قادمة من قاعدة منخفضة جداً. والتي معظمها من الوقود الحيوي وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية، ففي أواخر عام 2015م وصلت مشاركة الطاقة المتجددة من إنتاج الطاقة الكهربائية على مستوى العالم إلى 23.7%، وفقا لـ REN21 Global Renewable Energy Policy. ويظهر تقرير جديد من الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) أنه قد تقل تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المرحلة القادمة إلى نسب تتراوح بين 26% إلى 59% بحلول عام 2025م. وذلك من خلال تنمية الابتكارات التكنولوجية، وزيادة المنافسة، والاهتمام بإدارة سلسلة التوريد.
بالنظر إلى الأمام، نرى كل المعطيات تشير إلى أن مصادر الطاقة المتجددة بدأت بالفعل تستحوذ على معظم الطلب الجديد في الأسواق في عام 2016م. وهي بذلك تحجم من قدرة الغاز الطبيعي على مواصلة مساره في المشاركة، إضافة إلى بداية إغلاق محطات الفحم في بعض الدول كالصين وبريطانيا وألمانيا وذلك بغرض الحد من انبعاثات الكربون واستكمال منظومة الطاقة المتجددة. أعتقد الآن قد حان الوقت لأن نجعل لنا بصمة واضحة في عالم الطاقة المتجددة مثلما فعلنا مع صناعة النفط، لأنه من المتوقع قريباً أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة هي الخيار الأمثل لأغلب الدول. فالتقنيات المبتكرة يمكن أن تجلب المزيد من التغيير إلى أجزاء من صناعة الطاقة. فأنا أدعو المسؤولين أن يلحظوا في استراتيجياتهم وبرامجهم مواضيع الطاقة المتجددة كافة والتي تتناسب مع بيئتنا والتي أيضاً من شأنها أن تحقق أهداف برنامج التحوّل الوطني 2020، من حيث البعد الاقتصادي والاستثماري مع وضع الأطر التنظيمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال