الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulahalrebdi@
اعلان انشاء صندوق الصناديق فاجئ البعض من خلال تبنى الدولة لهذه الأداة الاستثمارية ومن ناحية غرابة الاسم للبعض، لذلك سوف اشرح مفهوم هذه الأداة الاستثمارية وتطبيقاتها كما ورد في الإعلان. كما هو اسمه، هذا الصندوق الغرض منه ان يبحث عن صناديق تتوافق مع مجاله الاستثماري ومع معايريه الاستثمارية ويستثمر بها، ولذلك فهو لا يستثمر مباشرة في شراء ملكية مباشرة، وهو ما اعتقد انه إشارة الي عدم نية الاستثمار بشكل مباشر بل بمنح جميع الشركات الاستثمارية (التي تعاني كثرا من سوء التخطيط) الفرصة بفتح صناديق رأس مال جريء وملكية خاصة ليتم الاستثمار فيها.
الصندوق يستثمر بشكل مباشر في قناتين استثماريتين هما صناديق رأس المال الجريء وصناديق الملكية الخاصة، رأس المال الجريء يقصد به الاستثمار في شركات في طور التأسيس أو في مراحلها الأولية حيث ان مخاطرها تكون بالعادة عالية جدا لكن النمو متوقع ان يكون كذلك عالي في حال نجاحها، فلذلك طبيعة استثمارات رأس المال الجريء تكون في العادة في أولى البدايات من حياة أي مشروع حيث كل شيء غير أكيد، لكن هي مهمة لأنها قناة رئيسية لتمويل هذه المشاريع والكثير بل أغلب الشركات الكبيرة في الغرب اليوم بدأت بتمويل من هذه الصناديق.
اما صناديق الملكية الخاصة فهي تتملك حصص في شركات صغيرة ومتوسطة غير مدرجة في السوق المالي وبالعادة يكون دخولها كاستثمار لتمويل حاجة هذه الشركات للتوسع أو لوجود مشاكل مالية نقدية، بمعنى اخر لا يكون دخولهم لخروج مستثمر اخر.
لا تميل هذه الصناديق (في الغالب) الي ان تلعب أي دور في إدارة هذه الشركات بل تكون كمستثمر صامت وتهدف الي التخارج في مدة زمنية بحدود الخمس سنوات كمتوسط وتمتد في اقصى حالاتها الي عشر سنوات وطبيعة هذه الصناديق تكون صناديق مقفلة بعكس صناديق الأسهم.
الان السؤال لماذا لم تتواجد هذه الصناديق في الشركات الاستثمارية التي من المفترض ان تكون واحدة من منتجاتها؟
الإجابة على هذا السؤال بسيط وهو ان هذه الشركات الاستثمارية لا تملك أي تميز حقيقي (الا ما ندر منها) ويكفي الاطلاع على تاريخها حتى نعلم عمق سياسة القطيع في استراتيجيات اكثر الشركات الاستثمارية، فعندما خرجت تراخيص أولى الشركات الاستثمارية بعد فك احتكارها عن البنوك في عام 2006 كانت جميعها مبنية على توقعات لعوائد عالية من عمولات التداول بنيت على أساس استمرار حجم تداولات السوق فوق 25 مليار ريال يوميا واحلام أمكانية اخذ حصص بسهولة من البنوك وهو ما ثبت انه خطأ كبير لعبت فيه الشركات الاستشارية على وتر أحلام العمولات الكبيرة والسهلة.
بعد استيعاب الصدمة وانتهاء الفقاعة، بدأت الشركات في البحث عن الطريق السهل رقم 2 وهو صناديق الأسهم والمرابحة وهو لم يكن مجزي لهم وبعدها اتجهت كل الشركات بموضة الصناديق العقارية مستفيدة من صعود أسعار العقار في ذات الفترة كحل رقم 3، لكن الكثير منهم ولعدة أسباب، لم يستطع تنفيذ المشاريع أو يحقق التخارج المطلوب لمالكين وحدات هذه الصناديق الي هذا اليوم وهو ما يعكس تركز النظرة التقليدية للاستثمار في السعودية (حتى عند من يعتقد أنهم محترفين) بالعقار أو الأسهم.
الشركات الاستثمارية السعودية لا تملك في الحقيقة استراتيجيات تتنوع وتتميز بها عن بعضها بل تكاد تجزم انهم يتناقلون نفس الأفكار والمنتجات بينهم وبدون المخاطرة لتقديم منتجات فريدة ومتميزة أو منتجات تعتبر اكثر تعقيدا وتقدما مثل صناديق رأس المال الجريء او الملكية الخاصة بل يفضلون المنتجات السهلة التقليدية جدا، وهو يعاكس تماما الاقتصاد اليوم وما نمر به من قفزات يومية في المعرفة والتقنية، لذلك لا استغرب الحالة التعيسة التي تمر فيها اغلب الشركات الاستثمارية اليوم وخصوصا التي ليست تحت مظلة بنك وما تعيشه من تخبط وضياع مع ضعف تداولات السوق وضعف العقار.
ان دخول صندوق الصناديق قد يكون الشرارة لهذه الشركات لتتحرك وتبحث عن بوصلتها من جديد لتقدم منتجات جديدة كصناديق رأس المال الجريء والملكية الخاصة وتستطيع ان تنوع بينهما كأن تكون متخصصة في قطاعات متعددة او مناطق مستهدفة للتنمية (للعلم هنالك شركات قليلة جدا لديها مثلهذه المنتجات) لكن هذا يتطلب قدرات تحليلية قوية ودراسات سوقية متقدمة ومتابعة أعلى بكثير من طاقات فرق العمل الموجودة اليوم لذلك لابد من الاستثمار بالشباب بتدريبهم في شركات لها باع طويل في أمريكا في هذه النوعية من المنتجات.
هنالك الكثير من الأفكار تستطيع هذه الشركات ان تطورها لتكون منتجات تفيد المستثمرين وتعطيهم فرصة للدخول في مجال جديد وكذلك وهو الأهم لتكون أداة تمويل جيدة للمبادرين والرياديين وأصحاب الأفكار (التي من الممكن ان تتحول لمشروع تجاري) ولأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين يبحثون عن تمويل مناسب للتوسع والنمو لشركاتهم القائمة.
انا متفائل ان هذا الصندوق ولو كان بمبلغ ليس بالكبير عطفا على حاجة السوق لكن سوف يحرك قطاعات عدة لتبدأ في ملأ فراغ في الاستثمار والتمويل لم يأخذ حقه بشكل جيد في الماضي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال