الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
الإحتفاء الذي استقبل به الاقتصاديون ورواد الأعمال قرار مجلس الوزراء بإنشاء صندوق لدعم الاستثمار في رأس المال الجريء والملكية الخاصة بمسمى صندوق الصناديق ، تدل على تعطش الاقتصاد السعودي لمجال الإستثمار الذي يستهدفه الصندوق ، وهي المشاريع ذات المخاطرة العالية التي تُحجم البنوك والشركات الإستثمارية على تمويلها والدخول فيها .
قرأت عشرات المقالات والتقارير عن الصندوق منذ صدور القرار وحتى كتابة هذا المقال ، وجميع المقالات التي قرأتها تتحدث بتفاؤل كبير عن نتائج ذلك الصندوق ودوره في الاقتصاد . والواقع أن رأس المال المغامر يكاد يكون معدوما في الاقتصاد السعودي إلا بعض الصناديق الصغيرة جدا جدا بمبادرات من رجال أعمال سعوديين يرون عليهم واجبا تجاه رواد الأعمال الشباب ، ولصغر رأس مال تلك الصناديق ورغبة في استمرارها وعدم توقفها وُضعت كثير من الشروط والإختبارات الصارمة لتحديد المشاريع التي يمكن أن يتم تمويلها ، لضمان نجاحها وأستمرارها حتى تستطيع الصناديق السير بمفردها دون دعم .
قامت البنوك السعودية في عام 2015 بإعدام ديون تقدر بـ 7.1 مليار ريال مرتفعة عن عام 2014 بنسبة 9% ، والديون المتعثرة تتجاوز 15 مليار ريال . وتشير كثير من الدراسات الى أن الديون التي يتم إعدامها في كل دول العالم ليست ديون الفقراء وصغار التجار بل ديون كبار الشركات والتجار ، وديون شركتي سعودي أوجيه وشركة بن لادن مثال قائم للديون المتعثرة في السعودية .
ما أود قوله هنا ما الذي يمنع البنوك السعودية من تقديم تسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بل والمشاريع ذات المخاطرة العالية. علما بأن الإستثمار في السوق السعودية وفي جميع المجالات ضمن فئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة يحقق نجاحا كبيرا يفوق كثيرا المشاريع التي تفشل . وقناعتي الشخصية أن الديون المعدومة لتلك المشاريع لن تبلغ 10٪ من نسبة الديون المعدومة للشركات الكبيرة وكبار رجال الأعمال . والمسؤلية الاقتصادية على تلك البنوك أن تحافظ على أموال المستثمرين بالإستثمار في المشاريع التي تُحفز إستمرار نمو الاقتصاد ونشاطه والمتمثلة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة .
لماذا تنتظر البنوك السعودية الدعم الحكومي لتبادر إلى الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومشاريع المخاطرة العالية ؟ والأهم من ذلك لماذا يظل القطاع الخاص عالة على الدعم الحكومي بشكل أو بأخر ؟ وهو بذلك يبقى رهينا لبرميل النفط . أليس من الضروري تحفيز القطاع الخاص للفكاك من الإنفاق الحكومي المرهون بسعر النفط ؟ وذلك من أجل تحقيق الرؤية السعودية 2030، ولن يتم ذلك من خلال رهن إستثمارات القطاع الخاص بالإنفاق الحكومي أو حتى الإستثمار الحكومي .
إن ظل القطاع الخاص جبانا وأنانيا يراعي مصالح كُبرى الشركات ورجال الأعمال ، ويبقي خديجا لا يستطيع التحرك بعيدا عن النهج التقليدي في الاستثمار دون أن يتكئ على أكتاف الإنفاق الحكومي فإن رؤية السعودية 2030 ستظل حلما جميلا نتمنى أن يتحقق . وليس المطلوب من القطاع الخاص أن ينثر هبات التمويل والإستثمار هنا وهناك دون حساب ، لكن المطلوب منه أن يتخلى عن نهجه العتيق في دراسة المشاريع وتمويلها ، والنظر إلى المستقبل الذي ينظر إليه العالم الأن ويستثمر فيه .
لا أرى الأربع مليارات التي أُنشأ بها صندوق الصناديق كثيرة للإستثمار في المستقبل وعماد الاقتصادات وهي المشاريع الصغير والمتوسطة ، لكني أرى من الخطأ أن يسير قطاعنا الخاص نحو المستقبل بعكازات ، لعدم ثقته في ذلك المستقبل دون الدعم الحكومي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال