الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
prof_alzahrani@
أستاذ الإدارة المالية
المحدودية النسبية للأوعية الاستثمارية في المملكة العربية السعودية تبرز سوق الأسهم والقطاع العقاري كأهم المجالات الاستثمارية خصوصا أن السندات والصناديق العقارية لا زالت حديثة التجربة وفي مراحل مبكرة لكي تتضح أهميتها وجودتها في تنويع المحافظ الاستثمارية. الحديث في هذين القطاعين والعلاقة بينهما كان دوما عرضة للاراء والتحليلات المتعددة لكن يظهر للمراقب ان هناك قاعدة ذهبية تتداول كثيرا بين المتعاملين وهي العلاقة العكسية بين سوق الأسهم والعقار بمعنى إن صعود أحدهما يؤدي الى هبوط الاخر أو العكس.
وبصفتي باحث في الأسواق المالية ومن طبيعة عملي مراقبة وإختبار مثل هذه العلاقات في حال توافر بيانات كافية او على الأقل عرضها ومقارنتها مع الأسواق والبيانات الاقتصادية في أسواق العالم حيث يتناول المهتمون دوما مثل هذه القضايا بالبحث والاختبار أستطيع القول إن أصعب نوع من العلاقات الاقتصادية هو إثبات وجود علاقة سببية بين متغيرين. واني لاستغرب من انتشار مثل هذه القاعدة بدون وجود بيانات تدعمها احصائيا فضلا عن استخدامها كمفسر لما يحدث في الاسواق, لكن يبدوا أننا كأفراد لدينا ميل فطري لربط الاحداث وإظهار علاقات بين الأشياء تساعدنا في خلق سياق تفسيري او قصة تسهل روايتها حتى وان كانت غير صحيحه علميا ولا تدعمها البيانات وقد تحدث الكثير من الباحثين عن هذا الميول الفطري لتفسير الأشياء بطريقة مختزلة. حيث تظهر بعض الكتابات التي تفسر دورات الصعود في سوق العقار بسبب عزوف المستثمرون عن سوق الأسهم واتجاه السيولة الى سوق العقار وفي هذا تسطيح كبير للأنشطة الاقتصادية والقرارات الاستثمارية وكأن ما يحرك الأسواق هي بعض السيولة الساخنة التي تتنقل من قطاع لقطاع آخر مع ان الحقائق الاقتصادية تقول ان هذه الأنشطة مترابطة بلا شك لكنها ترتبط بعوامل كلية أهم مثل حالة الاقتصاد ونمو الناتج المحلي وحجم المعروض النقدي والائتمان وغيرها من المؤثرات الاقتصادية.
وتشير الدراسات بالمجمل ان العلاقة بينهما توازنيه في الأمد الطويل لتأثرهما بعوامل مشتركهكما ذكرت لكنها علاقة غير مستقرة ولا يمكن ان تكون خطية بالشكل الذي يعرضه بعض المحللون، بمعنى أنهما اقرب للصعود او الهبوط المتوازي في الأمد الطويل بخلاف ما يتردد حسب القاعدة الشائعة والتي تتنافى مع الأبحاث الاقتصادية في هذه المجال. ويستحضر كثيرا من الأشخاص مسالة ضعف سوق الاسهم لسنوات بعد انهيار 2006 وصعود سوق العقار خلال هذه السنوات بمعدلات متنامية كإثبات لهذه العلاقة.
وفي الحقيقة هذه مغالطة منطقية حيث لا يمكن تفسير العلاقة بين القطاعين بأحداث زمنية قصيره حيث من المعتاد في الظواهر الاقتصادية ان تستمر بنجاح عند اخضاعها للاختبارات الإحصائية على مستوى زمني طويل وليس حدث زمني او حدثين . ونظرا لضعف بيانات سوق العقار تاريخيا على المستوى المحلي فيمكننا الاستشهاد ببعض الدراسات العالمية في هذا المجال. الدراسات حول هذا الموضوع متضاربة في نتائجها ولا تعطي اتجاه واضح للعلاقة لكن يمكن تلخيصها بأنها تشير الى ان العلاقة متغيرة زمنيا وضعيفة وإن هناك تكامل بين القطاعين على المستوى الكلي. على سبيل المثال من أشهر الدراسات في هذا الموضوع دراسة تحت عنوان “ماذا يخبرنا سوق الأسهم عن العوائد في سوق العقار” حيث خلص الباحثين ان كثيرا من الشركات الامريكية الضخمة تستثمر في محافظ عقارية بالتالي إرتفاع العقار يؤثر إيجابا على تقييم تلك الشركات وعوائد الأسهم في السوق.
وأيضا قامت مجموعة CXO الاستشارية المالية بتحليل لأسعار العقارات والأسهم في الولايات المتحدة من منتصف 1960حتى عام 2010. وخلصت إلى أسعار المنازل ومؤشر سوق الأسهم يظهران نموا على المستوى الطويل لكن لا يوجد تأكيد على السببية بين مؤشر السوق والطلب على الوحدات العقارية او أسعارها.
الخلاصة انه لا يوجد علاقة مباشره بين سوق الأسهم وسوق العقار والنمو الحاصل في كلاهما هو مجرد إنعكاس لحالة الاقتصاد ونمو الطلب على السلع والخدمات بشكل عام كما أن العلاقة الإحصائية بين هذين القطاعين غير واضحه ولا يمكن الجزم بعلاقة مؤكد ولعلنا نستعرض في المقال القادم مقارنة بين الاستثمار في القطاعين على المستوى الفردي لمزيد من الايضاح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال