الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تمثل زيارة ولي ولي العهد إلى الصين، والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، حجم الشراكة بين البلدين، كما أنها تختزل مرحلة التحول الاقتصادي للسعودية والصين. كلا البلدين يعولان على برامج طموحة لإعادة تشكيل وإطلاق القوى الاقتصادية، بعد مرورهما بمرحلة حرجة. فالسعودية تأثرت بأسعار النفط المنخفضة فأطلقت خطة التحول الوطني، بينما تراجع معدل نمو الاقتصاد الصيني بشكل حاد في السنوات الأخيرة، فعملت على إطلاق مبادرات متعددة تتمحور حول طريق الحرير. ولذلك فإن أهداف البرنامجين تؤسس لزيادة الدور الذي تلعبه كل من السعودية والصين على مستوى الاقتصاد العالمي.
الهدف الرئيس لطريق الحرير الصيني هو تعزيز التكامل بين الاقتصاد الصيني وجنوب آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، إضافة إلى الأحواض المائية للمحيط الهندي. التكامل هو ما سيضمن استمرار نمو الاقتصاد الصيني بالمستويات المستهدفة، عن طريق وصل القطاعات الصناعية الصينية بأسواقها المستهدفة بشكل أكثر كفاءة. هذا الوصل سيتم عبر توسيع نطاق اقتصادات المناطق الأقل تطورا مثل وسط آسيا، بالاستثمار في البنية التحتية، وهو ما دعا الصين لإنشاء بنك استثماري آسيوي لتطوير البنى التحتية.
التعاون السعودي – الصيني في تحقيق خطة طريق الحرير الطموحة يسبق زيارة ولي ولي العهد بفترة طويلة، فالسعودية إحدى الدول المؤسسة للبنك الاستثماري الآسيوي. كما تأتي الزيارة بعد أشهر من التباحث بين الجانبين، فقد فوض مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية بالتنسيق مع الصين في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الأمر الذي نرى ثماره اليوم بتوقيع 17 اتفاقية مختلفة للتعاون بين الجانبين. هذه الاتفاقيات تدل على أهمية الدور السعودي لإنجاح مبادرة طريق الحرير، فقد تضمنت اتفاقيات التعاون في تخزين الزيوت والتعاون في مجال الطاقة. فحجم الإنشاءات الهائل لتطوير البنية التحتية وصناعات دول طريق الحرير ستحتاج إلى إمدادات مستقرة من النفط والطاقة.
كذلك تم الاتفاق على برنامج طريق الحرير المعلوماتي، الأمر الذي يدعم القاعدة التقنية السعودية لتنمية الاقتصاد المعرفي. ويظهر ذلك جليا على جانب الزيارة الرسمية، في لقاء وزيري التجارة والاستثمار والطاقة والصناعة بمؤسس شركة علي بابا. الفكرة وراء نجاح موقع علي بابا هي تلبية احتياجات المصانع الصينية استيرادا وتصديرا في منصة إلكترونية تجمعها مع المستوردين من جميع دول العالم. ثم ما لبث أن توسع لتوثيق وضمان العمليات التجارية، وانتهاء بإنشاء منصة للزبائن الأفراد ما أسهم في زيادة حضور المنشآت الصينية الصغيرة والمتوسطة الصناعية على مستوى العالم. ولذلك فإن طريق الحرير المعلوماتي سيتيح للاقتصاد السعودي الاستفادة من مثل هذه المبادرات التقنية لتنويع اقتصادها، بحسب أهداف “الرؤية”.
التكامل بين البرنامجين يمتد إلى أبعد من الاتفاقيات المبرمة في الزيارة. فطريق الحرير الصيني يستهدف إنعاش الطلب الاقتصادي في مناطق منخفضة التطور، ولذلك فإن مسلكه البحري ينتهي في شرق إفريقيا. ونظرا لموقع السعودية الجغرافي، فإنها ستشكل محطة مهمة على طريق الحرير البحري، تلعب فيه مدينة جازان الاقتصادية ومرفأها دورا حيويا في إمداد المنطقة باحتياجاتها من الطاقة والبتروكيماويات. ولذلك يتوقع أن تستقطب المدينة مزيدا من الشركات الصينية لتؤسس لقاعدة صناعية تستغل الثروات الطبيعية السعودية والإفريقية فتعود السعودية إلى عمقها الإفريقي عن طريق البوابة الصينية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال