الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد الإسلامي بالجامعة الإسلامية
١. المقال هدفه تعليق الجرس حول هدر حاصل، يمكن استثماره ليسهم في معالجة قضايا اقتصادية واجتماعية وتنموية متعددة، وقبل ذلك سيكون من المناسب التمهيد للموضوع: فالأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، ومن أجل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه في عيد الأضحى المبارك. وحين يتصدق المضحي بشيء من أضحيته على المحتاجين, ويهدي شيئا منها على أقاربه وجيرانه ومن يحب، وحين يتحدث بنعمة الله عليه فيتناول جزءاً منها مع أسرته؛ فإن ذلك يمثل صورة من صورة التكافل الاجتماعي في الإسلام، وباعث لتقوية أواصر المحبة والترابط بين أفراد المجتمع.
٢. مع التمدن والتوسع في العمران، وحرصاً على نظافة الطرق والممرات، وحماية للأنفس من انتشار الأوبئة والأمراض، جراء تراكم المخلفات، حظي هذا القطاع بالتنظيم، فأنشأت مسالخ مخصصة لذبح بهيمة الأنعام، موزعة في مختلف التجمعات السكنية.
٣. تتقاضى تلك المسالخ أجرة معلومة تحددها البلديات؛ نظير الذبح، والتجزئة، والتغليف، وتتضاعف تلك الأجرة إلى أكثر من ( ٣ ) أضعاف في أيام عيد الأضحى، ويتمثل الهدر الحاصل في ترك المضحي لأجزاء من أضحيته أو أضاحيه في المسالخ لعدم رغبته في تلك الأجزاء، أو لصعوبة التمكن في الاستفادة منها؛ كجلود الأضاحي، أو بعض أطرافها: كالرؤوس، والأقدام، وغير ذلك. ويتفاوت الناس فيما يتركون.
٤. ليقوم أصحاب المسالخ ببيع تلك الجلود على التجار لتوظف في صناعة منتوجات قد يعود المضحي ليقتنيها بأغلى الأثمان، كما تباع بقية الأطراف على أصحاب المطاعم. الشاهد أن جميع ما يتركه المضحي هي عبارة عن *سلع لها قيمة*. فلماذا تهدر؟ ولماذا تترك للتجار؟.
٥. من هنا يقترح المقال أن يكون حق الاستفادة مما يتركه المضحون لصالح المؤسسات الخيرية، بدلاً من التجار. ويمكن إيجاد تنظيم، وبناء على آليات توضع، تمكًن مؤسسة خيرية أو أكثر في كل مدينة ليكون لها حق الاستفادة من هذا المورد الضائع والمهدر.
٦. بحسب أحدث إحصائية منشورة يبلغ حجم سوق الأضاحي في المملكة العربية السعودية مليار ونصف ريال سعودي؛ بمعدل متوسط قدره مليونا رأس من بهيمة الأنعام. وهذه الأرقام متعلقة فقط بعيد الأضحى المبارك.
٧. فإذا اعتبرنا أن متوسط قيمة الأجزاء التي يتركها المضحي في الأضحية الواحدة يبلغ (15) ريال سعودي؛ فنحن نتحدث عن هدر قيمته (30) مليون ريال سعودي فقط في أيام عيد الأضحى، ولم نتحدث بعد عن مواسم الزواجات وبقية أيام السنة.
٨. منح هذا الموضوع ما يستحقه من التأمل والتفكير من قبل المعنيين، وانضاجه وتطويره وتطبيقه على أرض الواقع، يمكن أن يكون من ثماره دخل يقدر ب (٤٠-٥٠) مليون ريال سنوياً لمؤسسات خيرية تسهم في خدمة المجتمع ومعالجة قضاياه.
١٠. من المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا ارتفاع نسبة الطلاق، ف٣٣% من عقود الأنكحة تنتهي بالطلاق بحسب أحدث إحصائية نشرتها وزارة العدل (١٤٣٦). عند استثمارنا لهذا المورد المهدر والضائع يمكن أن نمنح مؤسسة تعنى بمعالجة مشكلة ارتفاع نسبة الطلاق بمبالغ من (٤٠ إلى ٥٠) مليون ريال، وهو مبلغ يمكن تلك المؤسسة من شراء برج تجاري يوقف؛ ليمثل ريعه موردا ماليا مستمرا لتمويل أنشطة وبرامج المؤسسة.
١٢. وهكذا في كل عام يمكن دعم مؤسسة خيرية أو أكثر بوقف يعود أجره ونفعه لصالح أفراد المجتمع.
١٣. وأخيراً فليس للمسالخ الامتناع عن تطبيق الفكرة، أو رفع أسعار خدماتها بعد التطبيق؛ لأن ذلك يعني أن تلك الأجزاء المتروكة كانت تحسب من قبلهم كجزء من ثمن الذبح؛ وهو ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال