الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل سبق أن التقيت شخصا وسحرك من أول نظرة؟ شخصيا أقع فريسة دائما لهذا الانطباع. يجعلني هذا الانطباع أرى في هذا الشخص جاذبية لا تقاوم. أسعى بكل ما أوتيت من قوة ألا يكون هذا اللقاء الأول والأخير، بل بذرة تثمر لقاءات عديدة مستقبلية معه. سألت كثيرا من الأصدقاء وغير الأصدقاء والزملاء الذين أكدوا لي أنهم يواجهون ذات الشعور الذي يجتاحني ويستوطنني. بحثت عن هذه الظاهرة التي تجعل الشخص الغريب قريبا وتمنحه هالة تميزه عن غيره رغم عدم معرفتنا التامة به، فاكتشفت مصطلحا علميا اسمه: تأثير الهالة وباللغة الإنجليزية: The halo effect
ويفسر هذا المصطلح العلمي السحر الذي يلتصق ببعض الأشخاص والمنتجات ويجعلنا نهواها ونقع في غرامها وننافح عنها رغم عدم علمنا بحيثياتها وتفاصيلها التي قد تجعلنا ننفر منها. إن هذا التفسير العلمي يمنحنا فهما علميا أوسع حول سر قدرة بعض الأشخاص على التأثير علينا بسبب أشكالهم وأسلوبهم، فالبعض قد يستغرب سبب نجاح كثير من المشاهير في الشبكات الاجتماعية وتأثيرهم إلى حد كبير على شريحة كبيرة من الجمهور بمختلف فئاته رغم عدم امتلاكهم لأدوات معرفية أو مهارية استثنائية، لكن سيتلاشى هذا الاستغراب لو توغلنا وتغلغلنا في طبيعة النفس البشرية واكتشفنا طبيعة تكون الصورة في الأعماق حتى تترسخ وتثبت. فهذه الهالة التي تصاحب بعض الأشخاص تمنحهم بريقا غير مرئي يجعلهم أكثر جاذبية ودهشة وإبهارا من غيرهم، وبسبب هذه الهالة يتدافع المحبون للتسويق والترويج لهؤلاء الأشخاص؛ فتلقائيا نبدأ بمتابعتهم والاهتمام بما يقولون والأخذ به كأنه من المسلمات دون اختبار وامتحان بسبب هذه الهالة التي أحيطت بهم وبدأت بالاتساع والتضخم. يصعب على الفرد أن يواجه هذه الحشود الهائلة فيلوذ بالصمت، هناك من لا يمنحك الفرصة لانتقاد هؤلاء أو حتى مناقشة بعض أفكارهم لأنه لا يرى سوى الضوء القليل الذي يلتف حولهم وينسى الظلام العارم الذي قد يسكن بعضهم، والحال نفسه ينطبق على بعض المنتجات التي أصبح كثير منا للأسف يقاتل عنها ويدافع عنها كأنها أحد أفراد منزله، لا يقبل مجرد التساؤل حولها، يدافع عنها أكثر من المستشارين القانونيين الذين تدفع لهم هذه الشركة الملايين للدفاع عنها وعن صورتها.
وتضاعفت للأسف هذه الهالة إثر انتشار الشبكات الاجتماعية التي صنعت هالات زائفة بات من الصعوبة بمكان إيقافها أو مواجهتها. فكيف لنزر يسير أن يواجه جيشا غفيرا؟
علينا أن ندرك أن إعمال العقل والبصيرة هو الحل لمواجهة هذا المد الذي يكاد يحولنا إلى آلات تستهلك دون أن تفكر وتتساءل.
لا أحد يستحق الهالة والتقديس سواه سبحانه وتعالى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال