الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع انقضاء العام الثاني للدورة الهابطة لأسعار النفط، تبقى “أوبك” الحلقة الأضعف في الحلقات المكونة للسوق النفطية. فعلى الرغم من استحواذ مجموعة مصدري النفط على ثلث الطاقة الإنتاجية العالمية، وأكبر الاحتياطيات وكذلك الطاقة الإنتاجية الإضافية، إلا أن تأثيرها في أسعار السوق بات شبه معدوم. فالمنظمة التي تعتمد دولها بالأساس على الإيرادات النفطية تخلت في ظاهر الأمر عن استهداف نطاق سعري محدد، لتتبنى سياسة استهداف استقرار السوق. وهو التصريح الذي ما فتئت تذكرنا به المنظمة المرة تلو الأخرى. إلا أن فيه اعترافا ضمنيا بعدم قدرتها على ضبط الأسعار بسبب وجود عوامل خارجية متعددة ومؤثرة.
فلابد أن المنظمة قامت بدراسة كل خياراتها بشكل جيد قبل تبني السياسة المصرح بها. ووضعت احتمالات النجاح والخسارة لكل تحرك تقدم عليه. وقد تكون تلك الدراسات قد أظهرت لأعضاء المنظمة أنها لو قامت بالتحرك لدعم الأسعار، فمن الممكن أن تكون ظروف السوق مواتية لهذا التحرك، فتتفاقم خسائر المنظمة نتيجة التحرك بتخفيض الإمدادات في محاولة لدعم أسعار النفط. أولى الخسائر تكون ماء الوجه، حيث إن منظمة بهذا الحجم لم تتمكن من فرض الأسعار التي ترضيها. ثانية الخسائر ففي حصتها السوقية التي ستذهب لمنتجين آخرين. وثالثة الخسائر سيكون في الإيرادات النقدية المفقودة للكمية المحجوبة عن الأسواق. وهو العامل الذي يبدو أنه يهيمن على أفكار سياسات الدول أعضاء المنظمة المنفردة. الأمر الذي قوض من قوة “أوبك” في هذه الدورة السعرية الهابطة بدلا من تعزيز موقعها كصمام أمان وصانع السوق النفطية الأساسي. فبات أعضاء منظمة أوبك أكثر الخاسرين في العامين الأخيرين.
في الوقت الحالي، نجد أن الأسعار تحركها عوامل كثيرة، بعضها جزء من منحنيات العرض والطب، مثل فائض الإنتاج في السوق. وإن كانت “أوبك” تتوقع عودة التوازن بين العرض والطلب على النفط في العام المقبل، إلا أن التوزان يبنى على البيانات المتفائلة بنمو الطلب وليس كبح العرض. ويعمل إجمالي المخزونات كعامل كبح إضافي للأسعار. فبعد أن كانت الأسواق تترقب بينات المخزون الأمريكي، ظهرت الصين في الشهر الأخير كلاعب مهم. وكذلك عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة، التي كان إنتاجها على مدى العامين الماضيين الأكثر حساسية واستجابة لأسعار النفط. فباتت تلعب دور المنتج المرجح بشكل غير مباشر، وتمكنت من الحفاظ على إنتاجها على سعر مقبول لها اقتصاديا. آخر هذه العوامل هو السياسة النقدية للبنوك المركزية حول العالم. التي ترى “أوبك” بحسب تقريرها الأخير أنها صارت غير ذات جدوى في دفع عجلة النمو في الطلب، ولكنها في الوقت نفسه مؤثرة بشكل قوي في أسعار الصرف، خصوصا الدولار ذا العلاقة العكسية مع أسعار النفط.
كما يؤكد تقرير “أوبك” أن الأسواق في طريقها إلى التعافي ببطء بحسب السياسة التي تتبعها المنظمة، فيمكن أيضا استنباط عدم حدوث قفزة سعرية في المدى القصير، أي قبل نهاية عام 2018، مع استمرار أسعار النفط في التذبذب. ولعل تقليص مدى حدة التذبذب هو ما تعول عليه سياسة منظمة أوبك المتبعة حاليا بتوازن الأسواق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال