الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عضو الهيئة السعودية للمقيّمين المعتمدين
Mansour@alshuaibi.com
تملك العقارات وتداولها في السعودية يتم تنفيذه عن طريق كتابة العدل والمحاكم وتاريخياً كان ذلك يتطلب إجراءات وأحكام قضائية فقد كان تملك الأراضي إما بالإحياء (وهو تملك الأرض الخارجه عن ملك واختصاص الغير بإستصلاحها) وذلك يتطلب شروط وشهود يجب أن تتوافر فيهما صفات وضوابط تحكم فيها الجهات القضائية، أما طريق التملك الأخرى والأشهر في السعودية هي عن طريق المنح مباشرة من جهات الأختصاص في الدولة وفي بعض الفترات كان يسمح للأمانات والبلديات بتطوير مخططات سكنيه وبيع القطع مباشرة إلى المواطنين.
ولكن اليوم إذا نظرنا إلى الواقع سوف نجد أن طرق التملك السابقه تم تقنين معظمها إلى حد كبير وحتى إن كان تملك العقارات في السابق يتطلب عملاً قضائياً يحدد الملكية أو يصفها.. فاليوم وصف العقار ليس من اختصاص المحاكم فهو من اختصاص وزارة الشئون البلدية والقروية ممثلة بالامانات (البلديات) التي تعتمد في وصف العقارات على تنظيم عام للمدن والمخططات والأراضي.. ومع ذلك فنقل ملكية هذه العقارات وتداولها هو أمر لايتطلب أي إجراء عدلي ولايتطلب حكما قضائياً.
وإذا نظرنا نجد أن الأصول والممتلكات الأخرى يتم تداولها بين الناس عن طريق الجهات المنظمة لها فالأسهم يتم تداولها في سوق تداول تحت مظلة هيئة حكومية والسيارات يتم نقل ملكياتها عن طريق إدارات المرور وكذلك ملكية الشركات والمؤسسات عن طريق وزارة التجارة.. وجميع هذه الأصول التي تم إيجاد سوق ومضلة لها ثبتت جدواها وأدت إلى رفع مستوى الشفافيه وتنمية هذا السوق وضخ المزيد من الإستثمارات فيه، إذًا فما الفرق بين تداول هذه الأصول والأصول العقارية؟
اقول ذلك لأن تداول العقارات قد يكون أهم من غيره ويتطلب شفافيه عاليه ووضوح لقياس أداء هذا السوق بشكل صحيح، فالمؤشر العقاري مع مافيه من منافع سهلت في بعض الأحيان محاولة فهم السوق من قبل جميع مكوناته وشرائحه المختلفة إلا أنه قد يستعصي في أحيان أخرى فهمه حتى على المختصين أو الذين يستغرقون وقت أكثر في دراسة بعض الصفقات التي تمت فيه.. ويرجع السبب في ذلك لثلاثة عوامل وهي على النحو التالي:
العامل الأول: أن بعض التصنيفات للعقارات بنيت على أساس خاطئ فالمؤشر يعتمد في تصنيف العقارات بشكل عام على الإستخدام المسموح به للشوارع التي تقع عليها هذه العقارات إما تجاري أو سكني ونتيجة لذلك سوف تجد أن أراض زراعية ومراكز تجارية ومرافق ومحلات يتم إداراجها تحت تصنيف العقارات السكنية في الوقت الذي سوف تجد فيه أن بيوت وفلل وشقق تدرج تحت تصنيف العقارات التجارية!! والصحيح أن تصنيف الشوارع من حيث الإستخدام العام المسموح ليس موحد لجميع العقارات التي تقع عليه فهو قد يختلف مع بعض الحالات الخاصة لقطع الأراضي التي تقع عليه.
العامل الثاني: هو عدم واقعية الأرقام لإنه لايوجد تحديث لوضع العقار مرتبط مع الأمانات فكثير من الأراضي التي تظهر في المؤشر هي في الأساس عقارات تم تطويرها وبناءها، وكنت قد تحدثت عن هذه النقطة في مقال سابق.
العامل الثالث: وهو من أهم العوامل أن المؤشر الحالي يتم فيه إدراج جميع الإفراغات (التصرفات) سواء كانت البيع الحالي أو الأجل (البيع على الخارطة) أوالتصرفات التي على صورة رهن عقاري.. فالبيع على الخارطة يتم فيه تسجيل قيمة الصفقة بسعر قديم قد يزيد عن سنة على الأقل لذا سوف تجد أن سعره مختلف عن أسعار العقارات المشابهه في حالة البيع الحالي حيث تكون القيمة منخفضة بما يصل إلى (30%) عن المتوسط الحالي، أما الإفراغات التي على صورة رهن عقاري فقد تقوم بعض عمليات التمويل بضمان عقارات يتم إفراغها للممول كضمان على التمويل وقد تزيد عن سعر العقارات في المنطقة مما قد يرفع من متوسط الأسعار الحالي..
وأحد الأمثله على هذه الحالة هي ماحدث قبل 3 سنوات في أرض تقع في حي الرويس العشوائي – حسب تصنيف أمانة جدة – تبلغ مساحتها حوالي (26) ألف م2 حيث تم إفراغها لصندوق الاستثمارات العامة بمبلغ وقدره ملياري ريال كضمان لتمويل الشركة المطورة لمشروع الرويس في جدة، أي أنه تم احتساب قيمة المتر المربع للأرض بما يقارب ال (80) ألف ريال.. في الوقت الذي لم يصل سعر المتر المربع في مدينة جدة في أفضل المناطق إلى ربع هذا الرقم ناهيك عن أن يكون الحي عشوائياً!!
كل هذه العوامل والسلبيات التي تطرق لها المقال سوف يسهل معالجتها إذا أسندت مهمة تداول العقارات وتنفيذ التصرفات العقارية إلى جهة متخصصة ليس لأنها لاتتطلب اجراءات قضائية وحسب بل لأنها عملاً يتطلب تنظيم فني دقيق وواضح ومن جهة واحدة تعتمد في ذلك على نظم معلومات جغرافية لتنظم السوق وتسهل على المتعاملين والمختصين بناء قرارتهم على قاعدة صحيحة وسليمة.
إن السوق العقاري في السعودية بات اليوم سوقاً كبيرأ جداً تزيد حجم تداولاته السنوية عن (300) ألف صفقة وتصل قيمة هذه التداولات إلى قرابة (370) مليار ريال* ومن المخجل أن يكون من ضمن هذه الأرقام أخطاء غير منطقية مثل أن تدرج مراكز تجارية تحت تصنيف عقارات سكنية ونحو ذلك.
(*) وفقاً لإحصائيات عام 1436هـ
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال