الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
abdulkhalig_ali@
abdu077@gmail.com
صرح المتحدث الرسمي بإسم وزارة العمل أن الوزارة لن تسمح لأي وافد بنقل نشاط بيع أجهزة الجوال وصيانتها إلى خارج السوق ، وذلك على خلفية القبض على وافد يعمل على صيانة الأجهزة الذكية من منزله في تبوك ، وحسب ما جاء في الزميلة (سبق) الصور لا تظهر عملا محترفا ولا كبيرا ، بعض الأجهزة البسيطة في غرفة نوم .
الحقيقة أن هذا الحدث ملفت للنظر ويستحق الإهتمام رغم بساطته ، الا إنه يظهر حجم المعركة التي يعيشها سوق العمل السعودي ، وما يحدث في قطاع الإتصالات معركة كسر العظم ومن ينتصر فيها ستكون له الغلبة على جميع السوق وجميع القطاعات . فإما أن نعيد تحرير سوق العمل السعودي أو أن نعلن الإستسلام النهائي ونقبل بالعبودية والإحتلال نهائيا .
وزارة العمل ومعها التجارة وكل الحكومة أمام تحد كبير لإثبات جدية الحكومة هذه المرة في سعودة الاتصالات بشقيه التسويق والصيانة . فالفشل السابق في سعودة قطاعات الذهب وسيارات الأجرة وسوق الخضار أضعف كثيرا هيبة الحكومة في سوق العمل وزاد من الفوضى التي يعيشها السوق أصلا من عقود بسبب عبثية الإستقدام . فما كان لهذا الحدث البسيط شكلا الكبير مضمونا أن يمر دون التأكيد على جدية الحكومة وصرامتها في تطبيق السعودة في قطاع الإتصالات .
وهذه الجدية من الحكومة تضع الشباب السعودي أمام مسؤولية وطنية وشخصية بإستغلال الفرصة وعكس الصورة النمطية عن الشاب السعودي غير الجاد وغير الملتزم بالعمل والذي يفضل المتعة والراحة على العمل إذ أنهم في المرات السابقة كان عذرهم صعوبة المنافسة مع العمالة الوافدة وأن السعودة لم تطبق بجدية وأن العمالة الوافدة لازالت تعمل كما كانت ، فما العذر هذه المرة ؟
وأعتقد أن جزءا من هذه الصورة النمطية حقيقيا بدليل أن قطاع الاتصالات لازال يعاني من ضعف التشغيل رغم جدية الحكومة خصوصا في جانب الصيانة ، بل الأسوأ من ذلك وجود شباب يعملون كاُجراء أمام لجان التفتيش مقابل أجر زهيد جدا وهم متستر على متستر . وقد تعرفت على بعض الحالات خلال زيارتي لأسواق الاتصالات في بعض المدن ومنها جدة .
وتلك الجدية والصرامة مؤشر قوي وواضح للعمالة الوافدة أن ما حدث سابقا من فشل سعودة بعض القطاعات لن يتكرر هذه المرة مهما كلف الحكومة من جهد ومال . والنتيجة المباشرة أن معظم العاملين في هذا القطاع غادوره أو سوف يغادرونه سواء الموظفين أو العاملين لحسابهم الخاص ، فالبقاء مكلف وخطير . وإن كانت تجارب البعض وأرباحهم من هذا العمل تجعلهم يقاتلون من أجل البقاء مهما كلفهم الأمر خصوصا أولئك الذين لا يجدون مهنة أخرى تعطيهم نفس دخل هذه المهنة .
وهذا ما جعل المتحدث بإسم وزارة العمل يشير لمنع نقل المهنة إلى خارج السوق ، وذلك بالعمل من المنزل وعبر الهاتف أو بتجارة الشنطة بالقرب من الأسواق كما يظهر في بعض الأسواق الكبيرة . ما يعني أن الحرب لازالت في بدايتها رغم إعلان وزارة العمل أنه تم سعودة 95٪ من قطاع الإتصالات .
وثالث المقصودين من هذا الخبر بإظهار الجدية هم المتسترون من السعوديين الذين وجدوا في التستر مصدر رزق سهل وبدون جهد يذكر ، وجعلوا من الدراهم المعدودة التي يتفضل بها عليهم العامل ثمنا بخسا لأمن وطنهم واقتصاده ومحاربة لشبابه . وزارة العمل بهذا الخبر تقول ( لن تكون الاتصالات مكان للتستر ) ، وقد غادر كثير من المتسترين السوق بالفعل ولوحات (للتقبيل) المعلقة على واجهة عدد ليس بالقليل من المحلات مؤشر واضح على تلك المغادرة .
أما أخر الذين عناهم ذلك الخبر الصغير هم تجار الجملة وهم الذين يفضلون الأجنبي لسببين ، الأول يتعلق بالثقة في العامل الأجنبي أكثر من السعودي بسبب التجارب السابقة غير الناجحة مع العامل السعودي ، لكن السبب الأهم أن تجارة الجملة يسيطر عليها العمالة الأجنبية أيضا ، إما من خلال عملهم في الشركات الكبيرة وسيطرتهم على قرار التوزيع ومن يعطى ومن لا يعطى ، أو كون بعض تجار الجملة هم من العمالة الوافدة خصوصا لقطع الغيار وبعض الأجهزة غير المشهورة . وهؤلاء ليس أمامهم مع هذا الحزم والجدية إلا التعاون مع وزارة العمل والتجارة والتسليم بالوضع القائم ، وأن قواعد السوق تغيرت إلى غير رجعة .
أما الرسالة الأكبر لذلك الخبر الصغير فموجهة لسوق العمل في المملكة بأكمله مفادها أن ما حدث في قطاع الاتصالات سيتم تعميمه على كل قطاع تسمح الظروف الموضوعية بتطبيق السعودة عليه متى ما توفرت الشروط التي تخدم مصلحة الاقتصاد والمواطن على حد سواء .
تلك التغريدة ثم الخبر الصغير في الصحف عن القبض على الوافد الذي حول سكنه البسيط لمحل صيانة لاقت سخرية شديدة من البعض ، لكني أرى فيها دلالة كبيرة على تحول جذري في التعامل مع سوق العمل السعودي ، وأرى تلك التغريدة وذلك الخبر الإعلان الأول لمعركة ضروس ستمتد لسنوات طويلة وتشمل كل قطاعات السوق .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال