الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكاديمي متخصص في إدارة الاعمال
alialqirnas@
أنا، ومن حولي الكثير، توجد لدينا تحيزات يصعب ملاحظتها، ولا نشعر بها، وتؤثر على قرارتنا في العمل. ولعلك تتساءل الآن، وتقول: ما دخلي فيك أنت ومن حولك؟! ولعلي أجيب عليك وأقول لك بكل ثقة: “أنت ومن حولك أيضًا يوجد لديكم هذه التحيزات التي تجعل قراراتك غير صائبة، ولها تأثير سلبي على العمل”، ومهما امتلكت من الخبرة فإن هذه التحيزات سوف تؤثر عليك بشكل أو بآخر، لكن مع الخبرة وزيادة الإدراك؛ فإنه من الممكن تقليل تأثيرها عليك وعلى قراراتك. وقبل أن أذهب بعيدًا في هذا الموضوع، فمن الجيد أن أوضح ماذا أقصد بالتحيز، فالتحيز هو: “أخطاء نقوم بها أثناء مرحلة التفكير، لها أثر سلبي على قرارتنا وأحكامنا”.
هل سبق أن حضرت اجتماعًا وكان لديك رأي عكس آراء أغلبية الحضور وقررت الاحتفاظ برأيك لنفسك، وقلت: “الموت مع الجماعة أرحم”؟ إن هذا نوع من أنواع التحيز الذي -في الغالب- يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها؛ بسبب رغبتك في البقاء مع المجموعة، أو لكسب رضا المدير. في أحيان كثيرة نتخذ قرارات بناءً على معلومات غير دقيقة، على سبيل المثال: إذا كان المدير يرغب في تطبيق فكرة جديدة، تجده يعرض ويركز على إيجابيات هذه الفكرة؛ لكي يدعم موقفه والحقيقة أن السلبيات قد تفوق الإيجابيات؛ وهذا يؤدي إلى قرار خاطئ بسبب اعتماده على معلومات ناقصة وغير دقيقة. هل تساءلت يومًا: “لماذا هناك الكثير من المشاريع التي أُثبت فشلها، ولكنها لاتزال قائمة؟” هذه المشاريع يصرف عليها الكثير من المال والجهد؛ لأن القائمين عليها لا يمكنهم إدراك أن الأموال والوقت المبذول في هذه المشاريع تكلفة لا يمكن أن تعوض؛ لذلك تجدهم يخسرون أموالًا إضافية في نفس المشاريع؛ على أمل تعويض ما تم خسرانه.
هناك بعض الموظفين يجيدون استعمال التحيز لصالحهم، فقد تجد الكثير منهم لا يعمل طول السنة، لكنه قبل مرحلة التقييم بشهر تجده أكثر الموظفين اجتهادًا وعملًا؛ لأن المدير غالبًا لا يتذكر إلا الفترة الأخيرة قبل التقييم. مثال آخر أخبرني به صديق لي بأنه يقوم بإيقاف سيارته بجانب سيارة المدير، ويرجع إلى البيت بسيارة الأجرة؛ لكي يخلق انطباعًا إيجابيًا عند المدير أنه يعمل ساعات طويلة بعد انتهاء الدوام الرسمي، وأيضًا يحضر مبكرًا إلى العمل، وهو في الحقيقة “في سابع نومة”. البعض من الموظفين يزيد من جودة عمله من خلال التأثير على تحيز المدير، فتجده يخبر المدير أنه يعمل ليلًا ونهارًا لمدة أسبوع على كتابة التقرير -مثلًا- وهو في الحقيقة لم يضيعْ من وقته على التقرير إلا ساعتين، لكن المدير يتأثر بكلام الموظف عن الجهد والوقت الذي استعمله في كتابة التقرير، حتى ولو كان التقرير سيئًا.
لقد تعرفنا على المشكلة، لكن ما هو الحل؟ كما هو معروف أن التعرف على المشكلة يعد نصف الحل، وأقصد بذلك أنه بمجرد معرفتك بتحيزاتك وملاحظتها؛ فإن بإمكانك تقليل أثرها عليك وعلى قراراتك. ومن السبل المفيدة لتحسين المخرجات التابعة للقرار، هي أخذ الوقت اللازم وعدم التسرع، بالإضافة الى مراجعة القرار قبل اتخاذه، وقد تكون الاستشارة أحد الحلول لتجنب القرارات المتحيزة؛ لأنك سوف تتمكن من التعرف على وجهات نظر مختلفة وجديدة تسهم في توسيع مداركك وتساعدك على اتخاذ قرارات صائبة. ومن المهم أيضًا لتقليل نسبة تحيزك أن تبني قراراتك على معلومات وافية ودقيقة، وأن تضع بعين الاعتبار نتائج وآثار قراراتك على المدى القريب والبعيد؛ لتمتلك رؤية واضحة عن المستقبل، وقبل كل ذلك ومن أجل قرارات سليمة عليك بسؤال نفسك: “هل هناك أي نوع من أنواع التحيز في قراراتك؟”.
انتبه أن تغتر بنفسك وبقدراتك ومستوى ذكائك، وأن تكون ضحية لانحيازك؛ لأنك بطريقة أو بأخرى يوجد لديك تحيزات، وتذكر أن من صفات القائد الناجح الثقةَ، لكن الثقة الزائدة لها مفعول سلبي على القرارات، وكما هو معروف فإن “الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده”. لذلك كل ما عليك فعله هو أن تكون على يقين تام بأن الانحياز شيء لا يمكن المفر منه، ولكن من الممكن أن تقلل من أثره عليك بإدراكه أولًا، ومقاومته ثانيًا؛ لكي تصبح قراراتك أكثر نجاحًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال