الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جامعة طيبة – محاضر في تخطيط التعليم واقتصادياته
albadranib@
من شأن أي أزمة ثقة تنشأ في قطاعِ حكومي كان ام خاص أو بين قطاعات مختلفة؛ أن تنعكس أثآر هذه الأزمة على الاقتصاد بشكل مباشر أو غير مباشر.
فأزمة الثقة التي تنشأ بين المدير ونوابه في القطاع الواحد تخلق بيئة من احتكار إصدار القرارات وبالتالي توقف بعض الأمور أو تعليقها في حال تغيب المسئول عن إصدار هذه القرارات، وهذا بدوره ينعكس على عجلة النمو في هذا القطاع بشكل خاص وعلى باقي القطاعات المرتبطة به بشكل عام.
وبحكم أننا مقدمين على نقلة فريدة من نوعها في جميع قطاعاتنا الحكومي منها والخاص والمتمثلة في تحقيق رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية، فإنه من الواجب وجود تكافل وتكامل بين جميع القطاعات وثقة متبادلة وهذا لن يتحقق إلا بعد وجود هذا التكافل والتكامل في القطاع نفسه فيما يخص إداراته.
ولكن الملاحظ في حياتنا اليومية أن كل قطاع يعاني من أزمة ثقة في داخله، وأزمة ثقة بينه وبين القطاعات الأخرى، ونتج عن ذلك تأخر في إصدار بعض القرارات المستعجلة، واستنزاف ميزانيات كان من الممكن تقليصها لو تم التوافق بي القطاعات المختلفة.
وقطاع التعليم ليس بمنأى عن هذه القطاعات في مسألة انعدام الثقة، بل قد يكون من أبرز القطاعات التي تعاني من وجود هذه الأزمة وأوضحها وأكثرها تأثيرًا على الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في البلد.
ولأن الحكم لابد له من دليل؛ سوف نستعرض جانب من ازمة الثقة بين جوانب قطاعات التعليم ذاته مكتفين بذلك عن بحث جوانب الأزمة بين قطاع التعليم والقطاعات الأخرى لأن هذا سيطول، ومما لا شك فيه ان وجود الأزمة داخل القطاع دليل على وجودها خارجه.
ولقد اتضحت ملامح هذه الأزمة في التعليم بعد انضمام وزارة التعليم العالي مع وزارة التربية والتعليم في وزارة واحدة وهي وزارة التعليم، واتضحت مع ذلك أثارها الاقتصادية.
فأزمة الثقة هذه تتمثل في التخرج من التعليم العام ومن ثم التعيين فيه، فنجد مثلًا أن الطالب يدرس ما يقارب من 10 سنوات تبلغ كلفته في كل سنة من هذه السنوات في أبسط معادلات الكلفة حوالي 11 ألف ريال سعودي، إلا أن هذه السنوات كلها تذهب هباء منبثا وكأنها كانت سنوات مرور لا أكثر ولا أقل وذلك حينما يتم اعتماد فقط نسبة الصف ثاني ثانوي والثالث ثانوي في الدخول للجامعة، وفي النظام الفصلي يدخل الصف الأول ثانوي ضمن حساب النسبة.
ولأن التعليم العالي لا يثق كثيرًا في هذه النسبة القادمة من التعليم العام فإنه لا يأخذ منها في أحسن الأحوال إلا 60% وفي أسوأها 20 % ، تاركًا الباقي لاختبار القدرات والاختبار التحصيلي الذي تبلغ متوسط كلفته على الطالب خلال سنتين حوالي 250 ريال سعودي.
هل انتهينا؛
لا لم ننتهي بعد؛ فالتعليم العالي أيضًا لا يثق كثيرًا في مخرجات اختبار القدرات والاختبار التحصيلي، فيعمد إلى وضع السنة التحضيرية، التي يكون في بدايتها أيضًا اختبار تحديد المستوى ومن ثم سنة كاملة أغلب مواضيعها تمت دراستها في المرحلة الثانوية، وتبلغ كلفة الطالب خلال هذه السنة التحضيرية في أبسط حسابات معادلات الكلفة مايقارب من 30 ألف ريال سعودي.
وبعد أن يتخرج الطالب من التعليم العالي، ويرغب في الالتحاق في سلك التعليم العام، فإن التعليم العام لا يثق كثيرًا في مخرجات التعليم العالي فلذلك لا يأخذ من معدل الطالب سوى 50% تاركًا الباقي لاختبار الكفايات الخاص بالمعلمين، أي أن كلفة أربع سنوات دراسية في الجامعة كحد أدني لم يؤخذ منها إلا ما يعادل 50%.
وهكذا تسير العجلة بين التعليم العام والتعليم العالي في ظل عدم ثقة كل جانب في مخرجات الجانب الآخر.
وببساطة: انعدام الثقة مكلف اقتصاديًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال