الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
fahadalthenyan@
عضو معتمد لدى معهد المحاسبين الإداريين الأمريكي
عبارة شهيرة في اللغة الإنجليزية (We are not rich enough to buy cheap things) لا علاقة لها بمدى الغنى المالي للشخص أو الفقر؛ ولكنها تشير إلى تكلفة قرارات الشراء أو الاستثمار التي تركز على الحصول على الأشياء بأقل الأثمان بلا اكتراث لمستوى الجودة، وبالتالي فإن قرارك الفردي غرض منزلي كالثلاجة رخيصة الثمن يقل سعرها 50% عن سعر أخرى ذات جودة عالية قد يكلفك إصلاح أعطالها ما يفوق ما وفرته عند شرائها! وهذا ما يحدث للأسف عند اتخاذ قرارات كبرى كمشاريع الإنشاء التي يملكها القطاع الخاص وليس القطاع الحكومي فقط؛ وهذا عائد لغياب أو تهميش الكفاءات التي يجب أن تدير بعض القطاعات الحيوية أو غياب الحد الأدنى من الوعي المطلوب في هذا النطاق.
ما يزيد الأمر أهمية هذه الأيام هو الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها العالم ما يدفع إدارات القطاعين الحكومي والخاص للتركيز على الإدارة المالية وبالتحديد إدارة السيولة للوفاء بالحد الأدنى من الاحتياجات دون مبالغات أو إضافات (managing to minimum)؛ فيصبح سماعك لمصطلحات مثل (survival mode) نمط التعايش أو البقاء على قيد الحياة شائعاً على غير العادة.
ولا شك أن هذه هي الطبيعة البشرية والحال ينطبق على الاقتصادات متعددة مصادر الدخل فضلاً عن الاقتصادات الريعية التي تعتمد على مصدر دخل رئيس تؤثر التقلبات فيه على كل مجالات الحياة، وبالتأكيد فإن ارتفاع الثمن أو التكلفة لا يعني توفر الجودة العالية؛ وبالتالي فإن عملية اتخاذ القرار في المنشآت الساعية للنجاح والبقاء تتطلب تحولاً يراعى فيه الجانبان التكلفة والجودة المقبولة بما لا يكلف الكثير مستقبلاً لإصلاح تبعات قرارات قاصرة لم تبنى إلا على أساس التكلفة المنخفضة.
وعلى نفس السياق؛ فإن الحذر الزائد والتشاؤم أمر أكبر سوءاً فهو قد يقود المستثمر إلى إلغاء مشاريع أو اتخاذ قرارات بعدم المضي في استثمارات يندم عليها كثيراً لاحقاً. وهذا نتيجة طبيعية لغياب مهارة استقراء المستقبل وتوقع المتغيرات والعمل وفق نماذج التوقع بما يكفي لاتخاذ القرار الصائب؛ فقرارات اسثمارية كثيرة كما أشرت لا تتخذ على أساس علمي صحيح وإنما بطرق تقليدية عامة يكون هامش الخطأ فيها كبير.
وشخصياً أتوقع أن شعور الألم بتفويت فرصة ربحية بسبب عدم اتخاذ قرار الاستثمار في الماضي أشد من شعور الألم للخسارة بسبب مشروع فاشل اخترته فيما مضى، وذلك لأنني في الحالة الأخيرة سأكون قد حاولت على الأقل.
تحوف المخاطر القرار الاستثماري بالتأكيد، لكن الدراسة السليمة لتقييم تبعات أو نتائج أي قرار تقلص هذه المخاطر وتساعد على إدارة أفضل لها؛ فلولا وجود المخاطرة ما وجدت الفرص الثمينة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال