الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ahmadibnaziz@
ahmadaziz.com
لكل فعل ردة فعل كما تعلمه الصغار قبل الكبار على مقاعد الدراسة. وارتفاع أسعار الخدمات أو انخفاض الجودة المقدمة يجعل العميل في حالة غليان حتى يصل للحظة التي يقرر عندها … المقاطعة بدلا من الانفجار. والمقاطعة في العالم العربي عموما خلال العقد الأخير انطلقت كثيرا وليست ثقافة جديدة فكانت هناك دعوات مقاطعة لمنتجات الشركات الأمريكية والاوروبية والدنماركية و وصولا للشركات السعودية ولكل مقاطعة أسبابها وظروفها. ولكنها عموما لم تكن مقاطعة ناجحة أو مؤثرة بشكل جوهري.
فلماذا دعوات المقاطعة لدينا لا تنجح؟ لو تفحصت دعوات المقاطعة التي تمت خلال السنوات الماضية حتى الآن تجد أن الأرقام المذكورة عن خسائر الشركات المتوقعة من جراء المقاطعة وحجم المقاطعة لا يتناسب نهائيا. وتشعر أن المقاطعة وأهدافها تم رسمها بناء على العاطفة أكثر من التحليل المنطقي والعقلي.
ولتبسيط الأمر يمكن دراسة أثر المقاطعة بشكل تقريبي من خلال دراسة حجم أرباح الشركة الصافية (دون حساب الأرباح أو الخسائر الإستثنائية) للسنوات السابقة وأخذ المتوسط ومقارنة نتائج الشركة قبل وبعد مدة المقاطعة مع الأخذ بالإعتبار التأثير الموسمي للنتائج والمصاريف الإدراية والتسويقية للشركة. ومن هنا يمكن قياس نجاح المقاطعة من عدمه.
و ما لا يمكن قبوله هو أن يتم رفع سقف التوقعات من المقاطعة، فهل يٌعقل أن مقاطعة لمدة عدة ساعات خلال اليوم الواحد لمدة أسبوع أو حتى شهر ستكون مقاطعة مؤثرة وذات تأثير قوي كما يروج له الكثير؟.
ودليل ذلك أنه يمكن قياس صافي ارباح الشركة المراد مقاطعتها وقسمته على عدد أيام السنة ليتم حساب الربح الصافي التي تحصل عليه بشكل يومي ومن ثم مقارنة عدد ايام المقاطعة مع الربح اليومي، لتجد أن حجم تأثير مقاطعتك بالأرقام رقم ضئيل جدا ولا يكاد يُذكر. وتستطيع أي شركة تعويض هذا التأثير الطفيف من خلال عرض يُقبل عليه الناس من جديد ليعوض الشركة أضعاف ما ذهب.
إضافة لما سبق لا تنجح المقاطعة لدينا اذا كان الشخص قد دفع مقدما مقابل الخدمة التي يريد مقاطعتها لأنه في هذه الحالة إنما يقاطع نفسه ويحرم ذاته من خدمة قد دفع قيمتها مقدما. وكل ما سبق يعود للعاطفة التي تقود حملات المقاطعة لدينا في السعودية وفي العالم العربي بحيث يتم تعظيم تأثير المقاطعة على الشركات بشكل لا يتناسب فعليا مع حجم المقاطعة.
والحل الأنجح بدلا من المطالبة بالمقاطعة في كل مرة أن يتم المطالبة بدخول شركات جديدة وفتح السوق للمنافسين الجدد. وفتح السوق للتنافس بين الشركات يحقق جميع أهداف المطالبين بالمقاطعة ويزيد عليها كثيرا. فمع تنافس الشركات تتحسن جودة الخدمة المقدمة، وتنخفض الأسعار بحكم التنافس فيما بين الشركات لكسب الحصة السوقية، وترتفع وتيرة التطوير والتحسين في الشركات لضمان بقائهم في مثل هذه السوق التنافسية.
ووجود سوق تنافسي كبير بين الشركات سيجعلها في سباق محموم طوال العام لكسب العملاء وحينها لا يحتاج الناس لدعوات مقاطعة بين فترة وأخرى، ولا تغضب حينما أخبرك أن #راح_نفلسكم وأخواتها لن تنجح وبدلا من إضاعة الوقت في الترويج لها أو التخطيط لمقاطعة جديدة أن يتم الحشد للضغط على صاحب القرار لفتح السوق لشركات أخرى ستجعل الخدمات أجمل في ظل تنافسهم!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال