الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نعيش اليوم في عصر التقنية وتكنولوجيا المعلوماتوالاتصالات، في زمن أصبح به العالم قرية واحدة بفضلالوسائل الالكترونية المتعددة والمتجددة، ولا شك أن ذلكساهم بشكل مباشر في ظهور مصطلح ” التجارة الالكترونية”، ويقصد بالتجارة النشاط الاقتصادي الذي يتم من خلاله تداول السلع والخدمات والمنتجات بين الحكومات والمؤسسات والأفراد، وتحكمه عدة قواعد وأنظمة. ويقصد بالإلكترونية أداء النشاط التجاري باستخدام الوسائط والأساليب الالكترونية. وقد عرفت منظمة التجارة العالمية التجارة الالكترونية بأنها مجموعة متكاملة من عمليات عقد الصفقات، وتأسيس الروابط التجارية، وتوزيع وتسويق وبيع المنتجات بوسائل الكترونية. تعد التجارة الالكترونية وسيلة سهلة وسريعة وممتعة لجني الأرباح، وتساهم في حفظ الوقت والجهد، وخفض التكاليف، والترويج للسلع والخدمات بيسر وسهولة، وإتاحة المجال للعملاء والمهتمين بالاطلاع على أحدث المنتجات ببساطة وبدون عناء، وذلك من خلال الدخول على موقع المتجر أو الحساب المتخصص عبر الانترنت دون حاجة للانتقال بدنياًمن مكان لآخر. ومن مزايا التجارة الالكترونية مساهمتها في زيادة حجم التبادل التجاري، ودعم الاقتصاد الوطني، وفعالية وسرعة الاتصال حول العالم بشكل متواصل وعلى مدار 24 ساعة، وسهولة الوصول لكافة شرائح المجتمع، وعدم الحاجة لموظفين ومقر عمل الا أنه من سلبياتها عدم اتاحة الفرصة للعملاء بفحص المنتجات قبل شرائها، وصعوبة التحقق من شخصية البائع أو المشتري، واحتمالية تعرض المتاجر الالكترونية والحسابات الخاصة بالسلع والمنتجات للاختراق وانتهاك الخصوصية. بالإضافة لإمكانية التلاعب بمعلومات وبيانات العملاء الشخصية. من المتوقع أن تتجاوز التجارة الالكترونية التجارة التقليدية مستقبلاً، وقد لوحظ كثرة الاقبال على ممارستها، وشراء السلع والمنتجات والحصول على الخدمات من خلالها في السعودية مؤخراً. وقد فتح ذلك المجال للكثيرين خاصة النساء بممارسة أنشطة تجارية متنوعة عبر المواقع الالكترونية وخاصة على موقع الانستقرام، ويفضل الكثيرون التسوق من خلالها الا أن التجارة الالكترونية بالرغم نموها السريع في السعودية مازالت لا تخضع لتنظيم قانوني خاص حيث لم يصدر بعد نظام متعلق بها بل عدة أنظمة ترتبط مباشرة بها كنظام التعاملات الالكترونية الصادر عام 1428 هـ، والذي يعد أول نظام اعترف بالمحررات الالكترونية وأعطى قوة وحجية للسجل الالكتروني، والذي يهدف الى ضبط التعاملات والتوقيعات الالكترونية. بالإضافة لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر عام 1428 هـ المتعلق بفرض عقوبات على مرتبكي الجرائم المعلوماتية في الانترنت، ويهدف الى الحد من وقوع جرائم المعلوماتية. طرحت المملكة العربية السعودية مسودة مشروع نظام التجارة الالكترونية 1436 هـ -2014 م، ويهدف الى تعزيزالثقة في معاملات التجارة الالكترونية، وتوفير الحماية للمستهلكين، ودعم التجارة الالكترونية، ويعد المشروع الأول من نوعه في السعودية، وبات إصداره ضرورة قصوى في وقتنا الحاضر لأهمية مجال التجارة الالكترونية، وشدة الاقبال الاجتماعي على ممارستها، فأغلب عمليات البيع والشراء أصبحت تتم عبر وسائط الكترونية اختصاراً للوقت في زمن كثرة به المشاغل الحياتية، والارتباطات العملية والعلمية، وزادت شدة الازدحام المروري. وبالاطلاع على مشروع نظام التجارة الالكترونية يلاحظ أنه في المادة الثامنة عشرة لم يلزم ممارس التجارة الالكترونية بإصدار سجل تجاري بل منحه الحق بذلك بغض النظر عن حجم رأس المال، وذلك يخالف ما نصت عليه المادة الثانية من نظام السجل التجاري بأنه يجب على كل تاجر متى ما بلغ رأسماله مائة ألف ريال خلال ثلاثين يوماً من افتتاح محله التجاري أو من تاريخ تملكه محلاً تجارياً أو من تاريخ بلوغ رأس ماله النصاب المذكور أن يتقدم بطلب لقيد اسمه في السجل التجاري. كما لم يتطرق مشروع النظام لعدد منالمواضيع المهمة مثل: جهة الاختصاص بالنظر بالنزاع (المحكمة المختصة)، الاختصاص القضائي (تنازع دولي)، التوقيع الالكتروني وجهات التصديق، الضرائب والجمارك،والحماية القانونية وأمن المعلومات، وحقوق الملكية الفكرية. تواجه التجارة الالكترونية في السعودية تحديات متعددة أبرزها تحديد القانون الواجب التطبيق عند حدوث تنازع الكتروني، فالتجارة الالكترونية قد تكون دولية ولا تعترف بالحدود الجغرافية للدول الأخرى. وقد تعددت واختلفت الآراء القانونية حول تحديد القانون الواجب التطبيق فيالعقد الالكتروني، ويرى الرأي القانون الدولي الغالب اخضاع الالتزامات التعاقدية للقانون الذي يتفق عليه الطرفان في العقد، وفي حال لم يتم الاتفاق بينهما يخضع لقانون الموطن المشترك، وفي حال اختلف الموطن فيخضع لقانون الدولة التي جرى بها ابرام العقد، ولكن بالنسبة للعقد الالكتروني يصعب معرفة ذلك في الفضاء الالكتروني المفتوح مما يتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لتحديد قانون يحكم منازعات التجارة الالكترونية سواءاَ كانت عقدية أو غير عقدية، وذلك تعزيزاً للتجارة الالكترونية، وتوفيراً للحماية الامنية، وحفظاَ لحقوق المتعاملين. يتوجب على وزارة التجارة والاستثمار مراجعة مشروع نظام التجارة الالكترونية وتعديل ما يستوجب تعديله ليتم اصداره بأسرع وقت ممكن. بالإضافة الى أنه ينبغي أن يضمن حقوق المتعاملين سواء كانوا تجار أم مستهلكين، وتوفير بيئة الكترونية جاذبة لممارسة التجارة. كما يتطلب أيضاً اصدارنموذج موحد للعقود التجارية الالكترونية حفظاً لحقوق جميع الأطراف ، وللحد من انتشار عقود الإذعان التي تفرض شروط مجحفة أحياناً على المشتري المضطر للشراء وتسلب حقوقه. كما يتوجب إلزام المتاجر الالكترونية كتابة اسم المنتج، وصفاته، وسعره، وتاريخ الاستلام، والمدة الزمنية للتوصيل، وادراج صور فوتوغرافية واضحة، وأن تتوفر المنتجات والسلع عند الطلب. بالإضافة الى أنه ينبغي فرض رقابة قانونية على المواقع والحسابات الالكترونية التي تمارس التجارة الالكترونية، وإلزام مؤسسيها بإصدار سجل تجاري قبل البدء بالعمل وان كانت حسابات خاصة، فالبعض ينشؤون حسابات خاصة مغلقة ويمارسون من خلالها التجارة الالكترونية، ويبيعون سلع ومنتجات مخالفة ومقلدة ومغشوشة. كما يجب تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع، ومنح المستهلك حق التظلم، وايضاح ذلك من خلال مشروع النظام. وتوجيه المتعاملين بإدراج بند في العقد يحدد القانون الواجب التطبيق عند حدوث نزاع بينهما فالعقد شريعة المتعاقدين وإرادة طرفي العقد مهمة لحسم الجدل، وتسهيل فض المنازعات التجارية مستقبلاَ.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال