3666 144 055
[email protected]
ahmadibnaziz@
ahmadaziz.com
عندما تشتد الظروف في فترة من الفترات يبدأ الإنسان بالتمسك بالأساسيات ويلجأ لتفعيل خطط الطوارئ وهي طبيعة بشرية، مثلما يفعله جسم الإنسان عند الصيام أو الدخول في حمية قاسية من تغير نمط الجسم بزيادة امتصاص الغذاء لأكبر قدر ممكن من أجل مواجهة الجوع أو البدء بإستخدام الإحتياطي الغذائي المتركز في الدهون التي خزنها الجسم خلال فترات الرخاء.
ولأن الدول اقتصاديا تمر بدورة الإقتصاد المعتادة مثلما تدور فصول السنة الأربعة خلال العام الواحد. فتارة ينتعش الإقتصاد وتارة ينتكس وأحيانا يكون بين الحالتين وفي استقرار طويل. الموارد الطبيعية للبلدان تُمثل فرص قُدمت على طبق من ذهب بحكم أن الموارد الطبيعية في الدول لا يتم اختيارها وإنما هي تقدير وتوزيع الله سبحانه وتعالى مثلما يُولد الإنسان بلون بشرة يختلف عمن هو بجانبه دون إرادة منه لذلك. وتنتعش الدول باستخدامها لتلك الموارد الطبيعية حتى تصل للحد الذي تستنزف فيه تلك الموارد وتنضب.
والموارد مع استمرار استخدامها تختفي إلا العقل البشري الذي ينمو مع الإستخدام والتفكير والتجربة، فيتوسع بمداركه ويرتفع لمرحلة أعلى من التفكير والإبداع. فدول شرق أسيا التي بدأت من قبل المرحلة الصفريّة وتجاوزت العديد من الدول وتسيّدت القائمة مثل سنغافورة وماليزيا واليابان كان التعليم وصناعته جزء أساسي من تطورها وازدهارها.
فالتعليم الجامعي في السعودية خلال ٣٥ عامًا أخذ بالنمو العالي وبنسب كبيرة جدا فحسب إحصائيات وزارة التعليم الرسمية فإن إجمالي عدد الطلبة الجامعيين بمختلف مراحلهم ودرجاتهم العلمية شاملا الجنسين بلغ في عام ١٤٠٠هـ ٤٨ ألف وبعد ٥ سنوات ارتفع العدد إلى ٩٥ ألف طالب في عام ١٤٠٥هـ وفي عام ١٤١٠هـ بلغ ١٣٠ ألف وفي عام ١٤١٥هـ ٢٠٥ آلاف طالب و في عام ١٤٢٠هـ ٣٧١ ألف طالب وبعدها بخمس سنوات بلغ ٥٧٢ ألف طالب لعام ١٤٢٥هـ وفي عام ١٤٣٠هـ ارتفع الرقم بشكل جنوني إلى مليون و ٣٠ ألف طالب وعام ١٤٣٥هـ تضاعف الرقم للضعف تقريبا ليصل مليون و ٩٠٠ألف طالب. وخلال هذه الرحلة الزمنية من عام ١٤٠٠هـ وحتى ١٤٣٥هـ كان متوسط نسبة نمو الطلبة الجامعيين في السعودية ٧٠٪ كل خمس سنوات وهي نسبة عالية جدا لها انعكاساتها على التغير الإجتماعي والإقتصادي والمعرفي.
بعيدا عن فن جلد الذات الذي يُجيده البعض وتقزيم الإنجازات وتحطيم أي بصيص للأمل. هذا التطور الهائل بالأعداد من الطلبة الجامعيين له تأثير إيجابي من رفع مستوى الوعي والثقة وتعزيز التجربة العملية للطالب وتغير نمط التفكير. هذا لا يُعفي المسؤولين عن السعي الدائم للتطوير وتحقيق أفضل المعدلات والإهتمام بالكيف والكم معًا.
ويجب ألا يكون مقياس نجاح التعليم بالحصول على فرصة وظيفية فقط فهذا الهدف وإن كان هو المأمول في نهاية المطاف، لكن لا ينبغي تقليل أهمية صقل الشخص وتغير نمط تفكيره بمثل هذه النوع من الدراسات العليا مقارنة مع بيئة التعليم العام المُصغّرة. ولا يجب تحميل الجامعات وحدها المسؤولية في التطوير فالطالب مع وجود الإنترنت أصبح العالم كله متاح له لتسجيل أي مادة يرغبها وفي أهم وأرقى الجامعات،
وكل ما عليك هو البحث في قوقل عن كلمة MOOC وهي اختصارا لجملة Massive Open Online Course وهذه الخدمة المجانية تقدم لك العديد من الكورسات في مختلف المجالات بشكل مجاني وتستطيع الحصول على شهادات منها عند اجتيازها في النهاية ومثلها تماما الموقع العربي الشهير رواق والذي يقدم العديد من الكورسات باللغة العربية.
بناء العقل البشري وتطويره وتسليحه بالعلم والمهارات الحديثة هو الإقتصاد الحقيقي لأي دولة وهو المورد الوحيد الذي لا ينضب. وهو الإستثمار الناجح الذي يجب أن يسعى له كل فرد. ولا تتوقف حياتك عند عدم قبولك في جامعة أو تعثر فرص ابتعاثك خارجيا وبادر باستغلال الإنترنت وتذكر أن قيمتك السوقية تزيد بزيادة مهاراتك وتجربتك في الحياة. وعام دراسي ناجح وحافل بالإنجازات للجميع بإذن الله.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734