الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رئيس تنفيذي لشركة استثمارية – دبي
ahmad_khatib@
منذ العام الماضي والعوامل المؤثرة في أسواق الأسهم العربية معروفة وواضحة ومتوقعة. معظم تلك العوامل ذات تأثير سلبي على أسواقنا لأسباب كثيرة أُشبعت بحثا من حيث عدم منطقيتها إلا أنها تبقى المحرك الرئيسي للأسواق طوال الوقت. أي استقرار مرحلي تمر به الأسواق تتبعه مرحلة جديدة من التأرجح الشديد المصحوب بالهلع والهبوط.
في القراءة الاقتصادية البعيدة المدى ليس مستغربا ما يحدث حاليا من حيث أداء الشركات وإعادة الكثير منها النظر في استراتيجياتها وخططها فالوضع الاقتصادي العام معروف منذ الهبوط القوي في أسعار النفط والتغييرات الهيكلية التي يجري العمل عليها. كتبت في السابق أن المرحلة الحالية تشكل فرصة كبيرة للاستثمار في الشركات الجيدة التي اذا اختيرت بعناية من حيث رؤيتها وقدرتها على التطبيق فإنها ستحقق عوائد ممتازة في المستقبل. بالإضافة الى ذلك فإن الكثير من التغييرات في الاقتصاد وفي هيكلية أسواق الأسهم من المتوقع أن تجذب الكثير من الشركات للإدراج تدريجيا. مع ذلك، يبقى الهم الأكبر عند مجموعات ليست قليلة في السوق هو المضاربة ومحاولة اقتناص قاع السوق وتحقيق أرباح كبيرة ( أو تعويض خسائر) في وقت قصير.
رغم أن تلك المجموعات أعتقد أنها مطلعة بشكل كاف على معظم التحذيرات التي تنشر بأن تحقيق أرباح كبيرة من المضاربة وخصوصا في الوقت الحالي أقرب إلى المستحيل، إلا أنهم يتجاهلونها ويكررون المأساة مرة بعد مرة. في النهاية لا يمكن أن تمنع أي شخص من التصرف بماله بالطريقة التي يراها، لكن تأثير الخسائر على ذوي الدخل المنخفض أصبح مضاعفا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتراجعة. ما زالت أيضا وسائل التواصل الاجتماعي تشكل منصة لمن هب ودب ليفتي ويوصي وينصح ويؤكد للناس، بلا حسيب ولا رقيب، بأن السوق وصل للقاع وحان وقت الارتفاع.
بوصول الوضع إلى ما نحن عليه الآن ومع اتجاه أعداد كبيرة ممن خسر أموالا طائلة في أسواق الأسهم إلى البحث عن أي طريقة كانت لتعويض خسائرهم، فإنه من المتوقع أن ينشط ممارسي التضليل بشكل أكبر. المشكلة أن كل من أولئك المضللين يعتبر نفسه ناصحا حقيقيا ويقدم نفسه كخبير مهم تشغله مصلحة المتداولين. هناك من قد يكون فعلا يسعى لإفادة المتابعين لكنه غير مؤهل لذلك فتكون النتيجة السلبية نفسها في النهاية.
في رأيي أن بعض ما يقدم على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص الأسهم والاستثمارات يكاد يصل لمستوى الجريمة، لأن خسارة شخص ما على سبيل المثال لأموال كان يحتاجها لأمور عائلته أو لأي أمر حياتي آخر ليس بالأمر الطبيعي اذا كان هناك من أوحى له بأن تحقيق الربح مضمون.
لا أدري اذا كان هناك من حل يعالج هذا الخلل المدمر لأن الانترنت فضاء مفتوح ومهما تم ضبط بعضه فإن التواجد بأشكال مختلفة وحتى بأسماء وهمية متاح بغاية السهولة. المحاولات التوعوية هي الممكنة من قبل من تهمهم المصلحة العامة والذين لديهم من المصداقية ما يقنع الناس بآرائهم.
أدعو كل من يهمه توعية الناس من مخاطر التداول العشوائي أن يكرر التحذير من المضللين عبر وسائل التواصل كل يوم. أقصى ما يمكن فعله هو التحذير، فلنقم بذلك باستمرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال