الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد إعلان المملكة رؤيتها لعام 2030 ومهدت لتلك الرؤية بخطة التحول الوطني 2020 اتخذ عدد من المؤسسات الحكومية مجموعة من الإجراءات بغرض تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على ما تخصصه الدولة لهذا القطاع من وزارة المالية، وبطبيعة الحال فإن الزيادة في حاجات تلك المؤسسات والبيروقراطية في الإجراءات الحكومية وتنافس مجموعة من الوزارات على زيادة حصتها من الموارد من خلال برامج ذاتية خاصة بها خصوصا أمانات المدن، إذ فرضت وزادت مجموعة من الرسوم الخاصة بالرخص لكثير من الأنشطة، ولكن الملاحظ أن مجموعة من هذه الرسوم أصبحت مبالغا فيها؛ فعلى سبيل المثال رخص البناء وتجديد الرخصة للقطاع السكني أصبحت تكلفته مبالغا فيها نوعا ما، وكما نعلم أن توجه الدولة يسعى إلى زيادة تملك المواطنين للسكن ومثل هذه الرسوم لا تخدم هذا التوجه؛ ولذلك ينبغي البحث عن طرق ووسائل متعددة لتنويع مصادر الدخل من غير الوسائل التي تثقل كاهل المواطن وتتناقض مع التوجه العام للدولة التي تسعى إلى تقديم خدمات أفضل دون التأثير بشكل كبير على عموم المواطنين.
كثير من المؤسسات الحكومية قد تكون لم تستوعب الرسالة بالطريقة المناسبة على مستوى التطبيق، فالكفاءة في الإنفاق لا تعني بالضرورة المبالغة في فرض الرسوم وتجفيف كل أوجه الإنفاق غير الملزم، فالإنتاجية في كثير من الأعمال تتطلب نوعا من الإنفاق الذي يمكن أن يخفض تكلفة أمور أخرى، فزيادة ساعات العمل لبعض الموظفين قد يكون له أثر كبير في عدم الحاجة إلى تعيين موظفين جدد وقد يزيد في إنتاجية الموظفين وبالتالي ينعكس ذلك على الاقتصاد الوطني، ومن ذلك تكليف المؤسسات الحكومية بمراجعة مستمرة لكثير من إداراتها وفروعها وتوزيع الموظفين والموارد بحسب الإنتاجية، كما أنه ينظر في مسألة تقديم الخدمات بحسب الإنتاجية والاحتياج، وهذه لا بد أن تتابع من لجان عليا للتأكد من كفاءة المؤسسات الحكومية في إدارة هذه المسألة، وقد تنتج عنه مجموعة من النصائح والمقترحات لتلك الجهات في حال لم تكن لديها الكفاءات الكافية التي يمكن أن تساعدها في تحقيق الكفاءة الأمثل في إدارة الموارد.
من الأمور التي سيواجهها كثير من المواطنين هو أنه قد ينخفض مستوى دخلهم من خلال وظائفهم التي يعملون فيها الآن ويتزامن ذلك مع ارتفاع محدود في تكلفة المعيشة بسبب الرسوم التي تم فرضها حاليا، وقد تأتي رسوم أخرى مستقبلا؛ وهنا تأتي أهمية مراجعة مجموعة من الأنظمة التي يمكن أن تعوض المواطن في مقابل عمل إضافي، بل يمكن أن تكون سببا في دخوله إلى سوق العمل ويضيف للمجتمع فرصا وظيفية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن وزارة النقل مثلا سمحت لشرائح محدودة من الموظفين بالعمل في شركات مثل أوبر وكريم ولكن توجد شريحة كبيرة من الموظفين في القطاع الحكومي يحظر عليهم العمل في مثل هذه الشركات رغم أن هذا القطاع تنشط فيه القوى العاملة الأجنبية بشكل كبير، ولا يمنع منه موظفو القطاع الخاص الذين يعملون لساعات أكثر، وهذا يدعو إلى مراجعة مسألة منع الموظف الحكومي من مزاولة أعمال ومهن طالما أنه موجود في قائمة موظفي الخدمة المدنية، إذ البديل عنه في كثير من الأعمال والمهام القوى العاملة الأجنبية وليس مواطنا آخر، إذ الفرص كبيرة في كثير من الأعمال والوقت الذي سيمنحه هذا المواطن للعمل الإضافي لا يجعله في حال يمكن أن يزاحم فيه غيره من المواطنين، وهو فرصة لتحقيق ما تضمنته “رؤية المملكة” من تحول جزء من موظفي القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص بما يزيد في إنتاجيتهم ويخفف من حصة الرواتب من الميزانية العامة للدولة، إذ إن عمله الإضافي قد يكسبه خبرة يمكن أن تزيد من حالات تحول المواطنين إلى القطاع الخاص، بل إنشاء مجموعة من المشاريع التي تزيد من إنتاجية المجتمع بما ينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد الوطني.
فالخلاصة أن مسألة تنويع مصادر الدخل وزيادة كفاءة الإنفاق أمر مهم جدا في هذه المرحلة وهو مطلب وطني، لكن في المقابل لا بد من العمل على تحسين ظروف المعيشة للمواطن وزيادة فرص الدخل لديه بالقدر الذي يتناسب مع إنتاجيته، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في موضوع منع موظفي القطاع الحكومي من العمل الإضافي أو مزاولة التجارة، ما يتطلب العمل على دراسة إمكانية السماح لشرائح إضافية للعمل في أعمال ومهن محددة تتناسب مع ظروف عملهم الحالية في القطاع الحكومي، ولا تجعلهم منافسين لغيرهم من المواطنين من غير موظفي القطاع الحكومي.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال