الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خبير أمن المعلومات ومسستشار تقني في التحول الإلكتروني
HaniAlzaid@
في البداية ، يجب الإشارة الى أن المقصود ببدل الحاسب الآلي في هذا المقال هو ما يُمنح لشاغلي وظائف تقنية المعلومات في سلم رواتب الموظفين العام وفي النظام يُطلق عليه مسمى “مكافأة الحاسب الآلي” وهي تتراوح بين 15% – 25% من الراتب الأساسي للموظف. كان يُصرف هذا البدل لكل من يحمل مؤهلاً في الحاسب الآلي (كثُرَ حامليه أو ندُرَ) و يتم تسكينه على أحد وظائف تقنية المعلومات المُعتمدة من قبل وزارة الخدمة المدنية ، مما أدى إلى التوسع في صرف هذا البدل بما لا يخدم الصالح العام.
ونتيجة لذلك صدرت قرارات مجلس الوزراء رقم 551، 552، 553، 554 متضمنةً وقف صرف بعض البدلات ومن ضمنها بدل الحاسب الآلي. وحتى لا يُفهم هذا المقال بأنه دفاعاً عن بدل فقده كاتب هذا المقال (نظراً لكونه من المنتسبين لسلم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات) ولاعتقادي بأن “بدل الحاسب” في سلم أعضاء هيئة التدريس يجب دمجه مع “بدل الندرة” لأصحاب التخصصات الحاسوبية ، فإن انعكاس تأثير وقف بدل الحاسب الآلي على أعضاء هيئة التدريس لن يتم نقاشه في هذا المقال. أما سبب التركيز على بدل الحاسب دون غيره من البدلات فهو عائد للخبرة التي يملكها كاتب المقال في هذا المجال نتيجة ممارسته بعض الوظائف التنفيذية على إدارات تقنية المعلومات ورئاسته للجنة الاستشارية وعضويته لمجلس إدارة جمعية الحاسبات السعودية.
في حُقبة ما قبل صدور القرارات 551،552،553،554 ، وكما يعلم البعض بأن مدراء تقنية المعلومات في قطاعات الدولة المختلفة (وخصوصاً القطاعات التي لا يوجد لديها عقود تشغيلية تحمل وظائف تقنية مخصص لها عوائد مالية مجزية) يعانون من صعوبة استقطاب الكفاءات المتوسطة والمتميزة للانضمام الى الوزارات الحكومية في مجالات محددة في تقنية المعلومات. فعلى سبيل المثال: متخصص التقنية مِمَّن لديه خبرة ٣-٥ سنوات في التعامل مع الأنظمة المالية كـ أوراكل و غيرها ، و متخصص التقنية الذي يعمل في تخصص الشبكات الرقمية او أمن المعلومات ، و أيضاً مبرمجي تطبيقات بيئة الفايل نت و بيئة الويب سفير ، يصعب على مدراء التقنية استقطابهم للانضمام الى سلم رواتب الموظفين العام مع وجود بدل الحاسب سابقاً نظراً لضعف العائد المالي مقارنةً مع ندرة توفر هذه المهارات/التخصصات ، فكيف بإمكانية استقطابهم بعد إلغاء البدل.
هذه الملاحظة تؤرق مدراء تقنية المعلومات في قطاعات الدولة المختلفة لأنهم بين تحديين: استقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة مع إعطائهم عائد مالي قليل مقارنة بسوق العمل ، وسعودة الوظائف التقنية الحساسة للمحافظة على خصوصية المعلومات. و من واقع تجربة ، انتهينا إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استقطاب أصحاب الخبرات المتوسطة (٣-٥ سنوات) في تخصصات أنظمة الموارد المالية والبشرية أو أمن المعلومات نظراً لضعف المردود المالي لها في سلم رواتب الموظفين العام ، ولكم أن تتخيلوا الصعوبة في استقطاب أصحاب الخبرات الطويلة.
دعونا لا نذهب بعيداً ونأخذ وزارات الخدمة المدنية والمالية والتخطيط كمثال نستفيد من تجربتهم ونطرح التساؤلات التالية بعد أن يتم استعراض وظائف تقنية المعلومات في التخصصات النادرة كأمن المعلومات ومبرمجي التطبيقات في بيئتي الفايل نت والويب سفير والأنظمة المالية والبشرية:
• كيف نجحتم في استقطاب الكفاءات (لم أقل وطنية بَعد) ؟
• وكيف تم إعطائهم العائد المالي المناسب؟ هل تم تسكينهم على سلم رواتب الموظفين العام أم على عقود التشغيل؟
• ما نسب سَعوَدَة هذه الوظائف المتخصصة؟ وكيف تم الجمع بين الحرص على السَعوَدَة وخصوصية المعلومات والمردود المالي؟
أجزم أن هذه التساؤلات تؤرق المدراء التنفيذيين والمشرفين على تقنية المعلومات في القطاعات الحكومية المختلفة.
لذا وحتى يتم الإبقاء على ما تم تطويره من كفاءات وطنية في التخصصات النادرة من مجالات الحاسب الآلي وبالتالي يمكننا المحافظة على قدرتنا في تشغيل وتطوير الخدمات الإلكترونية الحكومية ، أعتقد أنه لابد من إعادة تعريف “بدل الحاسب الآلي” (أو مكافأة الحاسب الآلي) في سلم رواتب الموظفين العام ليصبح بدلاً لندرة *بعض* تخصصات الحاسب الالي دون أن يكون بدلاً لطبيعة عمل ،وبالتالي خفض أعداد مَن يشملهم بدل الحاسب نظراً لخروج بعض تخصصات الحاسب الغير نادرة من تحت هذه المظلة.
هذا من شأنه تحقيق العدالة التي من أجلها صدرت القرارات المُشار إليها أعلاه وفي نفس الوقت تُمكِننا من المحافظة على الكفاءات المتخصصة واستثمارهم لنضمن بذلك ما حققته المملكة العربية السعودية من تقدم في مجالات التعاملات الإلكترونية الحكومية مكّنها من الحصول على المركز 36 عالمياً في مؤشر الحكومات الإلكترونية.
إعادة التعريف هذه يجب ان تتماشى مع الفجوة بين العرض والطلب في السوق المحلي و التخصصات النادرة التي أعلنت عنها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في تقريرها الصادر بعنوان “الكوادر المتخصصة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية” ، و الذي يمكن الوصول إليه من خلال الرابط التالي هنا
حيث أشار التقرير أن الجامعات والكليات ومنشآت التوظيف ومعاهدالتدريب بالمملكة ستوفر ما يصل إلى 23 .000 متخصّصاً جديداً خلالالفترة ما بين ٢٠١٤م و ٢٠١٧ م، ولكن على الرغم من ذلك فالفجوة بين العرض والطلب ستواصل اتّساعها بحسب ما تشير إليه التوقعات. فقد تجاوز الطلبُ على الكوادر المتخصصة في الاتصالات وتقنية المعلومات العرضَ بما يُقدّر بـ 8,400 متخصّصاً في العام ٢٠١٤م فقط. ويتوقع أن يواصل هذا الفرق اتساعه ليصل إلى حوالي 10,400 متخصّصاً في عام ٢٠١٧ م.
هذه الفجوة التراكمية بين العرض والطلب ستتسع بحسبما هو متوقع لتصل بالإجمال إلى 37,000 متخصّصاً للفترة الممتدة من٢٠١٤م إلى ٢٠١٧ م. (أنظر الرسم البياني رقم 1).
كما توقع نفس التقرير ارتفاع الطلب على مجموعة من التخصصاتالفرعية إلى جانب تواجد صعوبة نسبية في إيجاد كوادر مؤهلة لشغلها ،ويتوقع أن تكون هناك ضرورة للتركيز بشكلٍ أكبر على تطوير بعضالتخصصات الفرعية المرتبطة بالبنية التحتية للحوسبة السحابية ، وتطويرالبرمجيات ، وأمن المعلومات ، وخدمات الاتصالات المتنقلة ، وإدارة تقنية المعلومات والدعم وخدمة العملاء ، مقارنة بالتخصصات المرتبطة بالصيانةوالأنظمة البصرية على سبيل المثال ، والمحددة في الرسم البياني رقم 2 بـ “منطقة التركيز”.
وختاماً هل يحق لنا -نحن المهتمين بتقنية المعلومات- أن نتساءل:
• مع مغادرة مَن تم تأهيلهم في هذه التخصصات النادرة ، كيف سنحافظ عَلى رِتم تقدمنا (على الخارطة العالمية) في مرحلة تطور التعاملات الالكترونية الحكومية وتشغيل وتطوير الخدمات الالكترونية للوصول إلى الحكومة الذكية التي تتواكب مع رؤية٢٠٣٠. كيف سنضمن تحقيق أحد أهداف رؤيتنا 2030 وهو الوصول من المركز 36 الى أحد المراكز الخمسة الأولى في مؤشر الحكومات الإلكترونية.
• كيف يستطيع برنامج التعاملات الحكومية “يسر” قياس التنافس بين الوزارات الحكومية في التحول إلى التعاملات الحكومية الإلكترونية مع أن هذه الوزارات لا تملك نفس مميزات العقود التشغيلية للخدمات الإلكترونية ولا تملك نفس الوصول إلى برنامج كفاءات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال