الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشرت أمانة محافظة جدة قبل أيام إعلان في الصحف المحلية لفرصة استثمارية وهي عبارة عن قطعة أرض للإيجار! هذه الأرض خام وتزيد مساحتها عن أربعة ملايين متر مربع وتقع مباشرة على البحر في مدينة رابغ الساحلية التابعة لمحافظة جدة.. هذه المساحة الشاسعة والتي تعادل مساحة خمس مخططات سكنية على الأقل هي ليست إلا فرصة من ضمن العديد من الفرص الاستثمارية التي يتم التفريط بها واحده تلو الآخرى في عقود ايجارية تمتد لسنوات طويلة بعوائد بسيطة ومتواضعة. والتفريط في هذه الصفقة بالتحديد يكمن في طرح هذه الأرض بعقد واحد بهذه المساحة الشاسعة وهي غير مطورة الأمر الذي سوف يؤدي إلى قلة المنافسة على هذه الفرصة فعدد المطورين والمستثمرين اللذين يمكن أن ينافسوا من خلال المزايدة على هذه الفرصة سوف يكون محدوداً نظراً لكبر حجمها، كان الأجدى أن يتم تجزئة هذه الأرض وفق مخطط تنموي ومتنوع يعود بالنفع العام على المجتمع وذا جدوى ليكون فرصة للمستثمرين المحتملين. وهذه الأرض وحسب الإعلان المنشور هي خام غير مطورة ولاتوجد بها بنية تحتية لذا سوف تكون مهمة تطوير هذه الخدمات والبنية التحتية أحد المهام التي سوف يقوم بها المستثمر الذي يفوز بهذه الفرصة والذي في الغالب سوف يعمل على تقليل تكلفة الاستثمار وسرعة التنفيذ حتى وإن كان على حساب الجودة وسوف يقوم بتقديم مصالحه الخاصة على المصالح العامة التي كان يفترض بالأمانة أن تعمل على تحقيقها. الكثير من المطورين يعلمون أن اشتراطات ومواصفات التطوير للمخططات والأراضي الخام يمكن التحايل وتجاوزها بعدة أساليب ولديهم في ذلك سوابق.. لذا يجب أن تكون الأمانة هي المطور لهذه البنية التحتية وتحميلها على قيمة الفرصة الاستثمارية ويمكنها أن تقوم بذلك بدون تحميل ميزانية الدولة أي أعباء مالية، وفي المواصفات الأخرى لهذه الفرصة تم الإشارة إلى الإستخدامات المسموحة حسب النظام للأرض وهي (إداري، سكني، ترفيهي، تجاري، صحي، ديني، سياحي). تنوع الإستعمالات في هذه الفرصة هو أمر جيد إذا تم دراسته وفق إحتياجات ومتطلبات المنطقة وبما يرفع من جدوى هذه الفرصة الاستثمارية لكن سردها بهذه البساطة وجمعها في فرصة واحدة يبدو أنه ليس إلا محاولة فقط ل “جر رجل الزبون” والأمر الملفت أيضاً في هذا الإعلان هو أنه تم ذكر بأن قيمة كراسة شروط هذه الفرصة وهي فقط ألفي ريال لاغير! في الوقت الذي تطلب أضعاف هذا المبلغ كقيمة لكراسة شروط مناقصة نقل وجمع مخلفات في بلدية ثول، ومن المعلوم بأن هذه المبالغ تضعها الجهات الحكومية مقابل أتعاب دراسة وتجهيز هذه الفرص أو المناقصات. إن الحديث عن الفرص والاستثمارات التي تطرحها الأمانات يقودنا إلى الحديث عن شركات التطوير المملوكة للأمانات والتجربة الرائدة والفريدة التي نجحت في تطوير وتخطيط مشاريع تنموية رائعة العديد منها كان فقط على الورق وعلى صفحات مواقع الشركات على الويب أما على الواقع فأفضل ماتم إنجازه هو مجسمات صغيرة لهذه المشاريع يتم المشاركه بها في المعارض المحلية والدولية.. ليس غريبا أن تفشل هذه المشاريع فالعقلية التي تدار بها هذه الشركات لاتجعلها في وضع أفضل من الأمانات في إدارة استثمارتها فبعض قياداتي هذه الشركات موظفين سابقين في الأمانة بل ورؤساء مجالس إدارة هذه الشركات هم أمناء المدن الحاليين! كيف سيتم الفصل بين مصالح هذه الكيانات إذا ما تضاربت المصالح أيهما سيطغى.. فأداء المستثمر الذي يبحث عن أفضل العوائد على رأس المال لن يتطابق في كثير من الأحيان مع أداء المسئول الحكومي الذي يفترض أن يحقق الأهداف التنموية لإدارته أحدهم سوف يطغى على الأخر وهذا هو بالضبط مايحدث الآن في شركات مثل شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني وشركة البلد الأمين والتي تم تأسيسها بملكية كاملة للدولة وتتبع للأمانات ولديها حقوق التطوير للعديد من المشاريع الاستثمارية التابعة للأمانة وأن تدار بمرونة عالية ولكن الواقع المرير هو أن لديها عدة مشاريع متعثرة أشهرها مشروع تطوير حي الرويس ومشروع تطوير منطقة خزام ومشروع تطوير وسط جدة وأخيراً مشروع بوابة مكة حيث سلمت مساحات شاسعه وتنازلت هذه الشركات عن حقوق تطوير لصالح مطورين وتحالفات عقارية مقابل عوائد وحصص في المشروع ولم تلبث هذه المشاريع إلا سنوات ثم تعثرت والنتيجة كانت خسارة أموال مطورين وتحالفات كان من ضمنها شركات مساهمة عامة وصناديق استثمارية حكومية. خلاصة : الأمانة وغيرها من الجهات الحكومية حينما تقوم باستثمار أصول أو إسثمارات تملكها ليس من أهدافها أن تقوم بتحقيق عوائد أو تعظيم منافع هذه الأصول والإستثمارات بل ولايوجد من يحاسبها على أدائها الاستثماري وإذا ما كانت في أي وقت أمام تضارب مصالح فسوف تعمل على مايحقق أهدافها الرئيسية حتى وإن كان على حساب هذه الاستثمارات وأكثر من ذلك حينما تعمل على التخلص من هذه الأصول من خلال فرص استثمارية بسيطة بل وذات عوائد متواضعة لمن يدفع أعلى سعر وشعارهم في ذلك “ما بعنا بالكوم إلا اليوم”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال