الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نحن مجتمع للعائلة فيه مكانة خاصة، وهذا أمر نتميز فيه مع بقية بلدان آسيا وكذلك أفريقيا عن أوروبا أو أميركا، ولهذا فإن البلدان الأخيرة ربما تحسدنا على العلاقات الأسرية المتينة التي ننعم بها، فأفراد المجتمع فيما يسمى المجتمعات الشرقية يرتبطون مع بعضهم ضمن خلية الأسرة.. هذا الكيان الصغير الذي يشكل مع بعضه الأساس الذي يعتمد عليه بنيان المجتمع.
ولكن ما يلفت النظر هنا هو أن هذه العلاقة الاجتماعية لا تجد لنفسها انعكاس مواز في المجال الاقتصادي، وأنا أعني المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، فنحن في هذا المجال نتراجع حتى عن آسيا التي نحن بلد من بلدانها، فالمملكة ليس لديها شركات عائلية على غرار تويوتا التي بكي رئيسها أكيو تويودا في الولايات المتحدة وهو يدافع عن إرث عائلته وجده الذي أسس الشركة، كما أنه لا توجد لدينا شركة عائلية على غرار تاتا الهندية ولا هيونداي وسامسونج وال جي الكورية.
وأنا هنا لا أتحدث عن الولايات المتحدة أو أوروبا وإنما عن آسيا، لأنه ويا للمفارقة العجيبة فإن المجتمعات التي تعتبر على نطاق واسع بأنها مجتمعات مفتتة أسرياً هي المجتمعات التي تلعب العائلة فيها دوراً كبيراً في الاقتصاد، ففي أمريكا الشمالية توفر هذه الشركات ما يقارب 60% من الوظائف، وتصل مساهمتها في الولايات المتحدة إلى 49% من الناتج القومي، أما في القارة الأوروبية فإن مساهمة الشركات العائلية في بعض بلدانها تصل إلى 70% تقريباً من الناتج القومي الإجمالي.
وفي المملكة ينعكس الدور الذي تلعبه الأسرة والعائلة في الحياة الاجتماعية على المجال الاقتصادي، إذ أنه من بين أكبر 100 شركة سعودية هناك 45 شركة عائلية، أي بنسبة 45%، وهي نسبة لا بأس بها، ولكن هذا الدور العائلي في الاقتصاد ليس كافياً ولا يوازي الدور الذي تلعبه العائلة والأسرة في المجتمع.
وأعتقد أن هذا القصور لا تتحمله الشركات العائلية وحدها، فالمشكلة ليس كلها في الاقتصاد العائلي والشركات العائلية وإنما في اقتصادنا الكلي كذلك، فنحن إذا نظرنا إلى مساهمة الشركات العائلية في السعودة فإن بعض الإحصاءات تقدر ذلك بـ200 ألف شخص، كما أن نسبة استثماراتها المحلية التي تصل إلى 350 مليار ريال لا تتعدى 13% من الناتج المحلي الإجمالي، والسبب يعود إلى أن الاقتصاد في بلدنا لا يزال يعيد إنتاج نفسه على أساس النفط الذي يشارك بما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولهذا فإن رفع مساهمة الشركات العائلية في ناتجنا المحلي الإجمالي يتطلب أمرين على الأقل: الأول هو تنويع هيكل الاقتصاد ورفع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي، وأعتقد أن أحد المداخل أو الحلول لهذه الظاهرة المستعصية منذ أول خطة خمسية للتنمية يمكن أن يتم من خلال دعم ومساندة مركز المنشآت العائلية وإقامة مراكز لهذه المنشآت في كل غرفة تجارية وصناعية في المملكة، كذلك فإنه من الضروري دعم وتشجيع تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، وذلك للحيلولة دون انهيار 60% منها بعد وفاة مؤسسيها واستمرار نشاط 90% منها إلى الجيل الثالث وما بعده.
نقلا عن الرياض
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال