الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أستاذ المحاسبة والتمويل الإسلامي المساعد
رئيسة قسم المحاسبة بجامعة الأميرة نورة
Aysha_Alsalih@
يعتبر تعاطي المخدرات وإدمانها من التحديات التي تواجه المجتمع، حيث تؤثر بشكل مباشر على بناء المجتمع وأفراده لما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية، وتتضح المشكلة في أثر سلوك المتعاطين أو المدمنين على الأوضاع الجنائية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، وتتعاظم مشكلة المخدرات في العالم العربي إذا علمنا أن هناك أكثر من 15 مليون مدمن في العالم العربي وفق تقارير حديثة، حيث يبدأ المدمن بتعاطي المخدرات بدون مقابل للمرة الأولى وذلك مجاملة لصديق أو حبا في الاستطلاع أو رغبة في الهروب من الضغوط والحالة النفسية السيئة التي يعيشها، وبعد ذلك يبدأ في دفع الثمن للحصول على المادة المخدرة وفي كل يوم يزيد من الجرعة التي يأخذها وبالتالي يزيد الثمن الذي يدفعه للحصول عليها، حتى يأتي الوقت الذي يجد فيه المدمن نفسه وقد خسر كل شيء يملكه.
يتجلى أثر تعاطي المخدرات وإدمانها على انتاجية الفرد والذي يؤثر بدوره على إنتاجية المجتمع بأسره، فهذه العناصر البشرية قوى عاملة معطلة عن الإنتاج، بل إن ما تنفقه الدولة من أموال طائلة في مجال مكافحة المخدرات سواء في الجانب الأمني أو العلاجي أو حتى التوعوي، كان من الممكن استثمارها في التنمية. من الآثار الاقتصادية أيضا ما يترتب على رواج تجارة المخدرات من تهريب للعملة الصعبة الى الخارج، فتقل كميتها ويزداد الطلب عليها والذي ينعكس بدوره على القوة الشرائية للعملة الوطنية.
إن تكلفة علاج الادمان عن المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية يكلف ما يقارب 4700 دولار للمدمن، في حين أن يكلف علاج الشخص المدمن في السجن 24000 دولار سنويا، بحسب المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، كما أن تكلفة علاج المدمن في الأردن حسب تصريحات مدير المركز الوطني للتأهيل، الدكتور جمال العاني، تبلغ 28250 دولار خلال ستة أسابيع، وأوضح أيضا أن تكلفة علاج المدمن في اليوم الواحد تبلغ 423 دولار. أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن العلاج يقدم مجانا للمدمنين لكن له تكلفة تتحملها وزارة الصحة تصل الى مئات الملايين من الدولارات بالإضافة الى الفاقد من الاقتصاد الوطني نتيجة لخسائر الإنتاجية والقوى العاملة التي يصعب تقديرها، فالمخدرات لا تدمر المجتمعات وبنيتها الاجتماعية فقط، بل تدمر اقتصادها وسبل التنمية فيها.
إن الاستثمار في الخدمات الطبية يعتبر عملا وطنيا متميزا ومطلوبا، حيث أن ما ينفق على علاج المدمنين سوف تتحمله وزارة الصحة من خلال شراء الخدمات الصحية من القطاع الخاص، وهنا تكون المملكة العربية السعودية استفادت من تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال محليا، وكذلك تستفيد وزارة الصحة من تقديم علاج عال المستوى من المستشفيات الخاصة بتكلفة أقل من النصف مقارنة لما عليه من خدمة علاجية تقدم في مستشفيات الأمل المتخصصة في علاج واعادة تأهيل المدمنين حاليا، وهذا يتناسب مع رؤية المملكة 2030 في تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وتنمية المجتمع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال