الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
محلل مالي معتمد (CFA)
othaim@
ضجت وسائل التواصل مؤخراً بمقال للدكتور حمزة السالم يدعي فيه أن هناك تريليون ريال سعودي اختفت من ايرادات الدولة خلال عام 2015 و تسعة أشهر من عام 2016. ولا يخفى على أحد حساسية مثل هذه الأمور و ما في هذا الادعاء من إثارة للرأي العام و هدم للثقة، مما يستلزم أن يتحرى أي كاتب يتناول مثل هذه الأمور أقصى درجات الحرص والدقة. لذلك فقد قررت كتابة هذا المقال لإيضاح النقاط التي ارتكز عليها د. حمزة السالم في مقالة ومعرفة حقيقتها، وبيان الأمر للمختصين وغيرهم.
لن أقوم في هذا المقال بمناقشة جميع ما ورد في المقال بغرض التخفيف على القارئ الكريم، والسبب الآخر هو أن جميع ما ورد في المقال اعتمد على طريقة حسابية ابتكرها د. السالم. لذلك فإن صحت هذه الطريقة فالمقال عموما صحيح، وإن كانت خاطئة فالمقال كاملاً خاطئ. فإلى طريقة حسابه لإيرادات الدولة في عام 2015 كما ورد نصاً في مقاله.
يقول د. حمزة السالم في مقاله:
“مجموع إيرادات الدولة النفطية والغير نفطية ٦١٦ مليار ريال سعودي + ٩٨ مليار استدانة + سحب من الاحتياطيات ٤٣٥ مليار ريال سعودي = ١.١٤٩ ترليون ريال سعودي دخل فعلي لعام ٢٠١٥”
وبالنظر إلى كيفية جمع الأرقام أعلاه يتضح للمختص المشكلة الكبرى في المقال. فقد جمع الدكتور الايرادات الواردة بميزانية الدولة مع ما نقص من الاحتياطيات (الأصول الاحتياطية). وهنا لب المشكلة إذ أن النقص في الاحتياطيات (الأصول الاحتياطية) يذهب غالباً لتغطية الحوالات للخارج والاستيراد والمضاربات على الريال ولا تذهب لسداد مصروفات الدولة مباشرة. الأصول الاحتياطية (التي يسميها السالم الاحتياطيات) ليست بالريال وإنما بالدولار وعملات أجنبية أخرى، فمتى سمعنا أن الحكومة دفعت مستحقات مقاول بالدولار، ومتى سمعنا أن رواتب أحد الجهات الحكومية تم دفعها باليورو أو الفرنك السويسري؟
أساس المشكلة في مقال السالم هو عدم فهمه لدور (الأصول الاحتياطية) وعلاقتها بميزانية الدولة. ولإيضاح الأمر للقارئ الكريم دون الدخول في تفاصيل فنية أقول: إن الأصول الاحتياطية تستخدم بشكل أساسي للدفاع عن ربط الريال بالدولار، ولو نفذت الاصول الاحتياطية لانهار الريال ولحدث لنا لا سمح الله مثل حدث لمصر وغيرها من الدول التي تفقد السيطرة على عملتها بسبب انخفاض موجوداتها من العملات والأصول الاجنبية.
والمثال التالي يوضح دور الأصول الاحتياطية: افترض أن أحد المقيمين في المملكة قرر تحويل 1 مليون ريال إلى الخارج فماذا سيحدث؟ سيقوم البنك المحول ببيع هذا المليون مقابل الدولار ثم يحول الدولار للعملة المطلوبة. ما يهمنا هنا هو أن بيع هذا المليون في السوق سيخفض من قيمة الريال لولا أن مؤسسة النقد موجودة في سوق العملات يوميا تشتري الريالات من كل من يريد بيعها. لذا فإن المؤسسة هنا تقوم بشراء المليون ريال وتدفع مقابلها ما يعادلها بالدولار. وهنا تنخفض الأصول الاحتياطية.
والمثال أعلاه يوضح أن الأصول الاحتياطية دورها هو الحفاظ على سعر الصرف وأن الحكومة لا تدفع مصروفاتها منها. إنما تدفع مصروفاتها بالريال ثم تقوم بالدفاع عن سعر صرف الريال إذا جاء أحد يطلب تحويل الريال إلى دولار ليحول مبلغ إلى أهله في الهند مثلاً، أو ليستورد سيارات من ألمانيا أو غير ذلك. فكيف يقوم د. حمزة بإضافة تكلفة الدفاع عن الريال والتي تتأثر بالاستيراد والمضاربات وغيرها إلى ايرادات الدولة؟!
وفي الختام يتضح أن طريقة حساب د. حمزة السالم لما دخل لخزينة الدولة وإضافته للانخفاض في الأصول الاحتياطية كدخل الدولة هو حساب خاطئ مصدره عدم فهمه لمجريات الأمور أو بسبب أمور شخصية نعلمها أو نجهلها. وفي المقال مغالطات وأخطاء أخرى لم أتطرق لها رغبة في التركيز على النقطة الجوهرية الذي بنى عليها الدكتور مقاله كاملاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال