الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يخلط البعض بمن فيهم عدد من المختصين بين احتياطيات الدولة (الحكومة المركزية) ممثلة بوزارة المالية، وأصول مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي)، والأصول الأجنبية للمملكة كبلد. وتوضح جداول المسح النقدي التي تصدرها المؤسسة حجم صافي الأصول الأجنبية للمملكة كبلد. ويشمل صافي (وليس إجمالي) الأصول الأجنبية في المسح النقدي صافي ما تملكه المؤسسة والمصارف التجارية من أصول أجنبية. وشكل صافي موجودات المؤسسة الأجنبية البالغ 2050 مليار ريال معظم (94 في المائة) صافي الأصول الأجنبية للمملكة التي كانت نحو 2190 مليار ريال عند نهاية شهر سبتمبر 2016م. ووصل صافي الأصول الأجنبية للمملكة كبلد إلى أعلى مستوياته البالغة نحو 2910 مليارات ريال في شهر أغسطس 2014م.
وبعد ذلك توالى تراجع صافي الأصول الأجنبية بنحو 719 مليار ريال خلال فترة الـ 25 شهرا التالية. وقد بدأ التراجع في الثلث الأخير من عام 2014م، ثم تسارع في عام 2015م بسبب الهبوط الحاد في الإيرادات النفطية، واستمر التراجع – ولكن بوتيرة أقل – خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016م. ويبدو أن هناك محاولة جادة لكبح جماح هذا التراجع وذلك من خلال خفض الإنفاق الحكومي، وزيادة الاقتراض الحكومي من السوق المحلية والعالمية. وجاء تراجع صافي الأصول الأجنبية لتمويل الدولة للعجز المالي الكبير من إيداعاتها لدى المؤسسة، ورغبة المصارف التجارية والمؤسسات شبه المستقلة لتوفير المزيد من السيولة والاستثمار في سندات الحكومة بالعملة المحلية.
ارتفع صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى أعلى مستوياته (2764 مليار ريال تقريبا) في شهر أغسطس 2014م. وبدأ التراجع في الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2014م بنحو 48 مليار ريال. بعد ذلك تسارع التراجع في عام 2015م وانخفض بنحو 433 مليار ريال أو بمعدل شهري قدره 36 مليار ريال، وذلك نتيجة للانخفاض الحاد في الصادرات والإيرادات النفطية. خفت معدلات تراجع صافي الأصول الأجنبية الشهرية للمؤسسة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2016م حيث بلغت 26 مليار ريال. وجاء هذا التراجع بسبب خفض معدلات سحب الدولة من احتياطياتها لدى المؤسسة، على الرغم من هبوط إيرادات النفط مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2015م. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة تقوم بثلاثة أدوار رئيسة في المملكة حيث إنها تصدر العملة، وتدير السياسة النقدية وهي مصرف المصارف، وتعمل كمصرف للدولة وبعض المؤسسات الرسمية وشبه المستقلة ذات الميزانيات المستقلة كمصلحة معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وصناديق التنمية. ولهذا فإن الموجودات الأجنبية التي لدى المؤسسة لا ترجع إلى إيداعات الدولة فقط كما يعتقد البعض وإنما تستخدم مقابل القيام بباقي الأدوار التي تقوم بها المؤسسة، التي يمكن التعرف عليها من خلال جداول المطلوبات على المؤسسة المتوافرة في النشرات الشهرية والسنوية.
تشير بيانات المؤسسة إلى أن صافي الأصول الأجنبية تمثل 95 في المائة من موجوداتها. وخصص ما يقارب 242 ليار ريال من موجودات الأصول الأجنبية والذهب لتغطية إصدار العملة الوطنية في شهر سبتمبر 2016م. تشمل المطلوبات من المؤسسة إيداعات الصناديق والهيئات الحكومية المستقلة ماليا عن الدولة وتزيد على 120 مليار ريال للشهر نفسه، وتستثمر المؤسسة جزءا كبيرا من تلك الأموال في أصول أجنبية لمصلحة تلك المؤسسات. كما تشمل المطلوبات أذونات مؤسسة النقد واتفاقيات إعادة الشراء المستخدمة لإدارة السيولة التي تدفع عليها المؤسسة فوائد، ولهذا فإنها تستثمر ما يقابلها في أصول أجنبية للحصول على إيرادات تعادل على الأقل تكاليفها. كما تشمل المطلوبات ما يزيد على 700 مليار ريال تعود للمؤسسات المستقلة والمالية وعلى رأسها مؤسسة معاشات التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية والإيداعات النظامية والأخرى للمصارف.
وتستثمر المؤسسة معظم إيداعات المؤسسات المستقلة في الأوراق المالية المحلية والأجنبية والأصول الأجنبية الأخرى لمصلحة هذه المؤسسات. من ناحية أخرى، بلغ مجموع إيداعات الدولة (الحكومة المركزية) لدى المؤسسة 945 مليار ريال تقريبا في شهر سبتمبر 2016م، وتمثل هذه الإيداعات نحو 44 في المائة من إجمالي المطلوبات من المؤسسة. وتستثمر معظم هذه الإيداعات في أوراق مالية أجنبية لمصلحة الدولة بينما يحتفظ بجزء منها للوفاء بالتزامات الدولة الجارية. وتشير بيانات المؤسسة لشهر سبتمبر 2016م إلى أن أكثر من نصف صافي أصول مؤسسة النقد العربي السعودي الأجنبية التي تزيد قليلا على تريلوني ريال تستخدم لتغطية أنشطة المؤسسة في إصدار الريال، وإدارة السيولة المحلية والدفاع عن معدلات صرف الريال، وتعود أيضا لإيداعات الجهات الأخرى غير الحكومة المركزية، وهذه الجهات مستقلة ماليا عن ميزانية الدولة وتدار أموالها لمصلحتها. وختاما فإن بيانات المؤسسة تظهر عدم صحة تصريحات بعض المختصين بأن لدى الحكومة ثلاثة تريليونات ريال، حيث تؤكد البيانات أن احتياطياتها الحالية تقل حتى عن تريليون ريال، وأنها كانت في أزهى أوقاتها منذ عامين ونيف بحدود واحد ونصف تريليون ريال.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال