الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هناك تحديات كبيرة تمنع وصول دول أوبك الى اتفاق مثمر ينتج عنه تخفيض للانتاج يشترك فيه أغلب الدول الأعضاء ويسهم في استقرار أسواق النفط من جهة، ورفع أسعاره من جهة أخرى.
التحدي الأول هو أن ثورة النفط الصخري الأمريكية قسمت أوبك قسمين: قسم خسر حصته السوقية في الولايات المتحدة مثل الجزائر وانغولا ونيجيريا، وقسم لم يخسره مثل السعودية والكويت والعراق.
في هذه الحالة يصعب اقناع الدول التي خسرت حصتها السوقية بأن تخفض الإنتاج. بل على العكس، ترى نفسها أنها ضحية وأن على طرف أوبك الآخر أن يخفض الإنتاج. والمشكلة الأكبر أن سماح البيت الأبيض بتصدير النفط الأمريكي منذ بداية العام يعني أن النفط الامريكي الخفيف الحلو سيلاحق النفوط الافريقية وسينافسها حتى في أسواقها الجديدة في المستقبل القريب والبعيد.
التحدي الثاني هو بيانات إنتاج العراق وإيران. اتفقت دول أوبك في الجزائر على سقف انتاج، وبناء على ذلك فانه يجب تخفيض الإنتاج الحالي بمقدار 1,1 مليون برميل يوميا تقريبا، وتم الاتفاق على تكوين لجنة فنية لتوزيع هذا التخفيض على الدول المختلفة. المشكلة أن كلا من ايران والعراق أصرتا على بينات انتاج أعلى مما تراه الشركات والأسواق. فإذا تبنت أوبك في اتفاقها أرقام انتاج الحكومتين وكان ماتدعيه هاتين الحكومتين غير صحيح، فإن هذا يعني أنهما لن تقوما بأي تخفيض فعلي حتى لو وافقتا شكليا على تخفيض الإنتاج.
التحدي الثالث هو عودة انتاج الدول التي خسرت انتاجها نتيجة عوامل سياسية في السنوات الماضية مثل إيران ونيجيريا وليبيا. من الصعب جدا اقناع دول تحاول استراداد انتاجها أن تقوم بتخفيض أو تجميد انتاجها. استطاعت ايران أن تستعيد كل انتاجها، وليبيا تحاول جاهدة استعادة جزء منه، بينما نيجيريا تعاني من حرب أهليه في منطقة الدلتا ضحيتها الأولى أنابيب النفط.
التحدي الرابع هو أن بعض دول أوبك زادات انتاجها في العامين الأخيرين. بعض دول أوبك التي خسرت انتاجها ترى أن هذه الدول اخذت حصتها السوقية. الدول التي زادات انتاجها لاترغب في العودة الى انتاج ماقبل الزيادة، بينما ترى الدول التي خسرت حصتها الإنتاجية ان التخفيض يجب أن يأتي من الدول التي زادت انتاجها.
التحدي الخامس أن روسيا استمرت في زيادة انتاجها من جهة، وفي منافستها لبعض دول اوبك في آسيا من جهة أخرى. روسيا نادت بوجوب تعاون المنتجين ورفع الأسعار ولكن من الواضح انها لن تشارك في اي تخفيض. وقد يشارك الروس في تجميد الانتاج، ولكن تجميد الانتاج لامعنى له في أرض الواقع. بعبارة أخرى، حتى لو اتفقت دول أوبك على شيء ما، فإن روسيا ستظل تهدد هذا الاتفاق بسبب زيادة حدة منافستها للدول الأعضاء في أسواقهم التقليدية في آسيا. فهل تسكت بعض هذه الدول أمام خسارتها لحصتها السوقية لصالح روسيا؟
التحدي السادس هو ارتفاع الدولار مقابل العملات الأخرى. هذا الارتفاع يعني أن أسعار النفط ارتفعت في الدول التي انخفضت عملتها بنفس نسبة انخفاض عملتها، وهذا يؤثر سلبيا على نمو الطلب على النفط في هذه الدول. تباطؤ نمو الطلب على النفط خطر على الجميع ويهدد أي اتفاق لتجميد أو تخفيض الانتاج.
التحدي السابع يتمثل في زيادة عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة، خاصة في حقل برميان في غرب تكساس، والتي بدأت تسهم في زيادة الانتاج في هذا الحقل. كما يتمثل في الزيادة المستمرة في عدد الآبار التي حفرت ولم تكمل وتجاوز عددها 4000 بئر. هذا يعني أن اي زيادة في الأسعار ستؤدي إلى استمرار عمليات الحفر بالزيادة من جهة، واكمال بعض هذه الابار المحفورة مسبقا والبدء في الانتاج. هذه المعلومات ليست غائبة عن أوبك، وأثرها يتمثل في أن تخفيض الانتاج لن يؤدي الى زيادة كبيرة في الأسعار بسبب زيادة الانتاج الأمريكي. بعبارة أخرى، قد يرى البعض أن الفائدة من تخفيض الإنتاج محدودة.
التحدي الثامن يتمثل في سياسات الطاقة التي قد يتبناها الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب، والتي قد يؤثر بعضها بشكل سريع في أسواق النفط. منها وعده بنقض الاتفاق النووي مع إيران والذي من شأنه عودة العقوبات على ايران وتخفيض صادرات النفط الإيرانية. فاذا كانت الحكومة الايرانية مقتنعة بحصول ذلك، فانه من صالحها تصدير أكبر كمية من النفط في أسرع وقت ممكن قبل فرض العقوبات، وبالتالي فانها لن تمتثل لأي قرار اتخذته أوبك.
ومنها موقفه من مزج الإيثانول مع البنزين حيث أنه قد يوقف القوانين السابقة في هذا المجال، الأمر الذي سيزيد الطلب على البنزين بأكثر مما كان متوقعا، وبالتالي رفع الطلب على النفط، واغراء بعض دول أوبك بعدم الالتزام باتفاق أوبك. ولعل أكبر خطر يمثله ترامب على الخليج هو سماحه ببناء خط أنابيب كي ستون من ألبرتا في كندا الى هيوستن، في الولايات المتحدة، والذي سينقل النفط الكندي المنافس للنفط الخليجي ألى منطقة تستورد تاريخيا النفط الخليجي. بعبارة أخرى، سينافس النفط الكندي النفط الخليجي في هيوستن، ولكن هذا لن يؤثر الا في المديين المتوسط والبعيد.
ويذكر ان حديث ترامب عن وقف واردات النفط من السعودية غير ممكن لأن النفط الصخري خفيف حلو بينما أغلب الطاقة التكريرية في تكساس ولويزيانا تتطلب نفوط أثقل واحمض، مثل نفوط السعودية. باختصار، أي قرار بوقف الواردات من السعودية يعني تدمير قطاع التكرير الأمريكي. ولن يقوم ترامب بذلك لأنه كارل إيكان أحد مستشاريه، وهو من كبار ملاك الأسهم في شركات المصافي الأمريكية.
خلاصة القول ان اجتماع أوبك يوم 30 نوفمبر قد يكون من الاجتماعات التاريخية لأوبك اذا تم التوصل الى اتفاق يترجم فعلا على الأرض إلى تخفيض ملحوظ في الإنتاج يرافقه زيادة في الأسعار، مع انخفاض في ذبذبتها، وذلك لأن التحديات عديدة وكبيرة كما تبين أعلاه. واذا فشلت أوبك في الوصول الى اتفاق فان الأسعار ستنخفض، ربما بشكل كبير. من هذا المنطلق يرى البعض أنه يجب التركيز على اتفاق ضمن جزء من دول أوبك يحتوي السعودية على تخفيض الانتاج ورفع الأسعار، قبل أن ينحدر الاستثمار في الصناعة الى مستويات لاتحمد عقباها في المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال