الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشير المصادر إلى أن أول عملية خصخصة، بمعنى تحويل إدارة وتوفير الخدمات العامة إلى أطراف لا علاقة لها بالحكومة، تعود إلى عصر اليونانيين القدماء والإمبراطورية الرومانية التي اعتمدت على أفراد ومجموعات من خارج الفئة الحاكمة للعمل على إنتاج وتوفير الأسلحة على سبيل المثال. وبحسب مصادر أخرى؛ يرجع تاريخ أول عملية للخصخصة في العالم، بمعنى قيام شركة خاصة بخدمة عامة كانت تضطلع بها مؤسسة حكومية، إلى سماح بلدية نيويورك لشركة خاصة بأن تقوم بأعمال نظافة شوارع المدينة عام 1676م، وأما استخدام الخصخصة كسياسة اقتصادية أو وسيلة عملية لإحداث تحول مبرمج في اقتصاديات الدول فقد بدأ في السبعينيات من القرن العشرين؛ وذلك بعد أن لاحظت الحكومات تضخم حجم القطاع العام وتكلفته مع تدني الإنتاجية ومستوى الخدمات. وبغلت الخصخة ذروتها في الثمانينات الميلادية من القرن ال20 في عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارقريت تاتشر والرئيس الأمريكي رونالد ريقن حيث تمت خصخصة قطاعات صناعية وخدمية متعددة في هذه الدول الكبرى.
محلياً؛ مرت قطاعات كثيرة بالخصخصة كقطاع الكهرباء والاتصالات والمياه وخدمات أخرى فشهدت بعض هذه القطاعات تحسناً وتطوراً ملحوظاً؛ ولو أنَّ هناك خلط بين مفهوم الخصخصة والطرح الأولي لأسهم الشركات المملوكة للحكومة حيث يصف البعض عملية الطرح الأولي لأرامكو بأنها خصخصة بينما لم تكن أرامكو في حقيقة الأمر قطاعاً حكومياً أبداً منذ أن بدأت عملياتها كشركة أمريكية وتحولت ملكيتها للحكومة السعودية في نهاية الثمانينات الميلادية. وحتى الملكية الحكومية الجزئية أو الكاملة لشركة ما لا يعني أنها قطاع حكومي أو أنها ليست شركة خاصة لأن الملكية لا تؤثر في هيكلة الشركة وطريقة إدارتها والأنظمة التجارية والقانونية التي تتبعها كأي شركة خاصة أخرى ليس للحكومة أي ملكية فيها. ولكن تظل عملية تحويل الشركات من مساهمات مغلقة أو شركات ذات مسؤولية محدودة إلى مساهمات مفتوحة وسيلة مهمة لإضفاء المزيد من الشفافية حول هذه الشركات خاصة ذات الحجم الكبير كشركة أرامكو والشركات العائلية التي تشكل جزءاً كبيراً من حجم الشركات السعودية.
وبالتالي عملية خصخصة قطاع ما ليست كافية أو ليست غاية في حد ذاتها بل خطوة في مسار الألف ميل نحو إدارة أفضل للموارد والبنى التحتية التي وفرتها هذه الدولة المباركة على مر العقود الماضية. فالخصخصة ليست عصاً سحرية ستدر العوائد الكبيرة على الأندية الرياضية بما يكفل حل أزمة الديون ولتعيش الأندية في رغد ورفاه لعقود مقبلة؛ بل هناك مؤشرات آداء وجودة يجب استخدامها للتأكد من نجاح عملية الخصخصة بدءاً من اختيار ذوي المؤهلات القادرين على إدارة هذه المنشىآت، ووضع الهيكلة الإدارية الصحيحة لها، وخلق بيئة العمل المشجعة، وإيجاد وتفعيل نظام “حوكمة” هدفه ضمان الالتزام بأفضل الممارسات التي تكفل حقوق الملاك وأصحاب المصالح كما ذكر في لائحة حوكمة الشركات الصادرة من هيئة سوق المال.
نجاح عملية الخصخصة يعتمد على كيفية إدارة هذه العملية التحولية بافتراض اتفاقنا المسبق على الهداف من هذا التحول وهو الإدارة المُثلى للموارد المتاحة بما يكفل الاستفادة القصوى من هذه الموارد سواء تم تحويل القطاع إلى مساهمة عامة أم لا ولنا في شركة أرامكو مضرب المثل في ذلك فنجاحها امتد لعقود بدون طرح أولي لأسهمها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال