الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قرأت الأسبوع الماضي كتاب (العلوم الإدارية ٤) ريادة الأعمال وإدارة المشروعات الصغيرة الذي سيقر قريبا في المرحلة الثانوية للنظام الفصلي ، حيث يتم تطبيقه الأن على نطاق محدود لتجربته . والحقيقة أن هذا الكتاب وأمثاله من الكتب الجديدة تمثل نقلة نوعية في نظام التعليم السعودي لأنها تربط الطالب بالواقع العملي الذي يعيشه وتهيئته للحياة العملية بصورة فاعلة .
المرحلة الثانوية مرحلة مهمة جدا في حياة الإنسان لأنها المرحلة التي يحدد فيها كل منا إتجاهه المستقبلي وبناء على ما يقرره الشاب في هذاالسن المبكر تتحدد بقية حياته . ومثل هذا الكتاب يفتح للشباب آفاق مستقبلية واسعة تخرجه من محدودية التفكير في مجالات محدودة وضيقة كانت تسيطر على تفكيره في السابق وما يلبث أن يصطدم بالواقع الذي يجبره علـى تغيير مساره والبحث في مجالات أخرى لا يعرفها ولم يسمع بها من قبل .
التعليم العام في ألمانيا مثلا ينقسم إلى ثلاث مراحل كل مرحلة أربع سنوات ويبدأ تخصص الطالب في مجالات محددة في المرحلة المتوسطة أي ما يوازي عندنا الصف الخامس إبتدائى ، ولديهم أربع مجالات رئيسية (العلوم الطبية ، الهندسية ، والمالية ، والإنسانية) ويستمر في تلك التخصصات حتى المرحلة الثانوية أي ثمان سنوات من الدراسة في مسار محدد تتركز الدراسة فيه عن كل ما يتعلق به ، وبعد الثانوي يكون بإستطاعته العمل ضمن تخصصه ، أو الإكمال الجامعي بالتخصص الدقيق ضمن تخصصه العام . وهذا النظام برأيي يخرج شباب متقنا لمهنته عاشقا لها عارفا بأدق تفاصيلها . وهو ما يرفع إنتاجية العامل في كل مجال يعمل به لأنه تشربه منذ الصغر .
هذا الكتاب سوف يعرّف الطلاب في المرحلة الثانوية على ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة ويربطهما بالرؤية السعودية 2030 من خلال شرح المجالين وخصائصهما وأهميتهما ودورهما في المجتمع والإقتصاد ، وأهميتهما للشباب في ذلك السن المبكر من العمر ، وكيف يستطيع الشاب أن يبدأ مشروعا صغيرا في سن مبكرة من حياته ، ثم تعريف الطالب بالمؤسسات الحكومية وغير الحكومية الداعمة لمثل تلك المشاريع ليستفيد منها إن رغب في ذلك .
حقيقة هذا التوجه من الوزارة رائع ومهم بل ضرورة ملحة ، أولا لأهمية المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال في الاقتصاد السعودي وحجمها فيه ، ولسيطرة العمالة الأجنبية عليها . ولأن الشباب الأن يشعرون بخوف من المستقبل لعدم وجود وظائف وفرص عمل لتقلص التوظيف الحكومي وحتى الخاص ، وتلك النظرة والخوف لدي الشباب أراها عن قرب ، ومثل هذا المنهج يفتح آفاق ومجالات أمام الشباب ويبين لهم حقيقة إقتصادهم القوي والمليء بالفرص ومجالات العمل الكبيرة وكل ما يحتاجه الشاب هوالعزيمة والنشاط بعد التوكل على الله والبدء في البحث عن الأفكار الخلاقة والإبداعية ثم الصبر على تنفيذها في أرض الواقع المتقبل لكل جديد ومبدع وخلاق . ومثل هذا الكتاب ينبه الشباب الغافل المشغول بالمتعة والتسلية إلى مجالات أخرى للمتعة المفيدة والتسلية المحمودة والتي يستطيع من خلالها شغل وقت فراغة وبناء مستقبله وخدمة وطنه وبر والديه وإراحتهما من همه . أخيرا هذا الكتاب يساعد الشباب الجاد الذي يبحث عن فرص لإستغلالها وملء وقت فراغه بما هو مفيد ، ومن هؤلاء الشباب الذين عرفتهم من لديه منتجه الخاص الذي حصل على جوائز قيمة ،ويبحث كيف يطوره ويصنّعه ويحوله لمصدر دخل ، ومنهم من لديه منصته الخاصة للتجارة الإلكترونية التي تدر عليه دخل لابأس به ، ومنهم من لديه بسطته التي تمثل مصدرا مهما للدخل بل لديه دخل كبير جدا منها ، كل أولئك وغيرهم سوف يكون هذا المنهج أشبه بدورة تدريبية طويلة لهم تمتد لأربعة أشهر يتعلم خلالها أهم ما يتعلق بريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة .
الكتاب جميل وتطرق لمواضيع مهمة لكن من خلال قراءتي له بشكل سريع وجدته ينقصه الكثير من المواضيع والتوسع في بعض المواضيع وفتح مجال للطلاب للبحث العملي التطبيقي لمشاريع حقيقية ولو على الورق تمهيدا لتنفيذها على أرض الواقع مستقبلا . كما إن عليه بعض الملاحظات الفنية التي تقلل من خدمته للهدف الذي إقر من أجله وهو ريادة الأعمال التي تعني الإبداع.
لذلك أتمنى على وزارة التعليم قبل إقرار الكتاب أن تعيد صياغته من جديد ليخدم هدفه الذي أنشأ من أجله ، فالفكرة رائعة جدا وأساس الكتاب جيد والهدف عظيم والوطن بحاجة لهذا الموضوع بإلحاح شديد فهو مستقبل الوطن الذي تحاول رؤية 2030 الوصول إليه .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال