الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كنت قد تحدثت في مقالة سابقة بعنوان “اندماجات واستحواذات.. وزارة العدل الأمريكية”، التي استعرضت خلالها نماذج من اندماجات واستحواذات أعلنت عنها وزارة العدل، مبدية اعتراضها واستعدادها لطلب إيقافها من المحكمة المختصة. وفي ختام المقالة أشرت إلى ثلاث إضاءات كانت السبب لعرض تلك النماذج من الاندماجات والاستحواذات في الساحة الأمريكية وهي:
1) أن طلب إيقاف صفقات الاندماج والاستحواذ من قبل وزارة العدل الأمريكية أو هيئة التجارة الفيدرالية يقدم في المحكمة المختصة.
2) أن خطوة أو فرصة التوصل إلى تسوية بين أطراف الصفقة وبين الجهة المسؤولة عن الموافقة على الصفقة إما هيئة التجارة الفيدرالية أو وزارة العدل الأمريكية ـــ حسب الإجراء.
3) أن البيانات الأساسية المتعلقة بالصفقة المقدم طلب بخصوصها يتم الإفصاح عنها وبتفصيل.
في هذه المقالة سيكون التركيز على الإضاءة الثانية وهي فرصة التوصل إلى تسوية بين أطراف الصفقة وبين الجهة المسؤولة عن قبول صفقة الاندماج/ الاستحواذ أو رفضها أو قبولها بشروط، وكما هو معلوم أن الجهة المسؤولة عن قبول صفقات الاندماج والاستحواذ في الدرجة الأولى في السعودية هي مجلس المنافسة. وقبل أن أبدأ موضوع هذه المقالة أود الإشارة إلى أمرين مهمين؛ أولها أنه ليس كل اندماج واستحواذ يتطلب موافقة من مجلس المنافسة؛ وثانيهما أنه قد يتطلب في صفقات اندماج أو استحواذ معينة موافقات نظامية من جهات أخرى غير مجلس المنافسة، حسب نوع الشركة وحسب طبيعة نشاطها.
بعد تقديم طلب التركز الاقتصادي بخصوص صفقة اندماج أو استحواذ أو غيرها لمجلس المنافسة السعودي، فإنه وفقا للمواد “19” و”30″ و”33″ من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي “1425هـ” تتم دراسة طلب التركز من قبل مجلس المنافسة وإصدار قرار بشأنه؛ إما بالقبول أو الرفض أو القبول بشروط خلال مدة قدرها 60 يوما من تقديم الطلب، إلا إن رأى المجلس أن الطلب يحتاج إلى مدة أطول لدراسته فإن المدة النظامية لدراسة طلب التركز الاقتصادي تمتد إلى 90 يوما منذ تسليم الطلب. إذا لم يصدر مجلس المنافسة قرارا بشأن الطلب المقدم خلال 90 يوما من يوم تقديم الطلب، فإن الطلب يعتبر موافقا عليه، ومن ثم يحق لمقدمي طلب التركز الاقتصادي المضي قدما في صفقتهم.
تُقرَأ المادة “29” من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي “1425هـ” على أنه وإن كان مجلس المنافسة قد توصل إلى أن الصفقة المقدم طلب التركز بخصوصها من شأنها أن تخل بالمنافسة أو تؤثر فيها إلا أنه يجب على مجلس المنافسة أن يضع في اعتباره ويقيم الآثار الإيجابية التي يمكن أن تعود بالمصلحة العامة، ما يجعل هذه الآثار الإيجابية تفوق الآثار السلبية التي توصل إليها المجلس.
على الرغم مما في هذه المادة من عبارات تحتاج إلى تفسير وتوضيح كعبارة “يتحرى” التي يصعب بناء خطوة قانونية عليها، إضافة إلى عبارة “المصلحة العامة” التي لا يخفى مدى عموميتها وسعة معناها، إلا أن المادة في مجموعها تشير إلى مراعاة المنظم واهتمامه بمسألة الآثار الإيجابية لأي صفقة اندماج واستحواذ مقابل آثارهما السلبية. هذه المراعاة للآثار الإيجابية لصفقات الاندماج والاستحواذ متصلة اتصالا جوهريا بموضوع هذه المقالة، وهو فرصة التوصل إلى تسوية مع أطراف الصفقة.
أسندت المادة “29” من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي “1425هـ” إلى مجلس المنافسة تحري الآثار الإيجابية لطلبات الاندماج والاستحواذ، ولضمان تحقيق هذا الهدف الجوهري المحوري ينبغي أن تكون هناك خطوة نظامية محددة بالنظام تسمى مثلا “الفرصة النظامية للتسوية”. هذه الخطوة لها تفصيلاتها التي لا يمكن لمقالة مختصرة استيعاب أبعادها وإجراءاتها القانونية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال