الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ظل التحديات الاقتصادية القائمة يتولد لدى الكثير هاجس من أن يمتد تأثيرها سلبيا على القطاعين الخاص و العام، و مدى مقدرة المؤسسات على الإيفاء بالمستلزمات المالية التشغيلية، و هنا تبرز أهمية المبادرات الفردية و المؤسسية لإعادة النظر في مدى فاعلية الأنظمة الداخلية في إدارة الميزانية. و قد يتبادر لذهن الكثير بأن أفضل و أسرع طريقة لمجابهة هذه الأزمة هي تقليص النفقات (مثل: تسريح بعض الموظفين، تقليص الدورات التدريبية، النثريات، البدلات…الخ)! و لكن قد لا يكون هذا هو الحل الأمثل.
و من هنا أود أن أشرح أحد مبادئ الإدارة التشغيلية (Operation Management) و هو مبدأ التصنيع المرن أو الرشيق (Lean Manufacturing). و أول من استحدث هذا المبدأ هو شركة تويوتا، حيثٍ كان أحد الركائز التي جعلت منها شركة عملاقة و ربحية. و قد كتب عنه الكثير من المقالات و البحوث و الكتب لعل أشهرها كتاب The Machine that Changed the World. و جوهر هذا المبدأ هو “الاستخدام الأمثل لجميع الموارد المتوفرة بفعالية بما يكفل تزويد العملاء بالمنتجات أو الخدمات المراد تقديمها عن طريق إزالة الهدر أو المخرجات الغير مرغوب فيها”.
و تنقسم أنواع الهدر المطلوب إزالته إلى:
1- الإنتاج الفائض عن الحاجة: هل تنتج أكثر من طلب المستهلكين؟
2- المخزون: هل يتم تخزين العدد الأمثل من المواد بما يكفل الموازنة بين مواصلة عمليات التشغيل من جهة و مصاريف المشتريات و تكلفة التخزين من جهة أخرى؟.
3- أوقات الانتظار للإنتاج: كم تأخر الوقت بين عمليات الإنتاج؟ و هل الوقت المستخدم للإنتاج أو تقديم الخدمة منطقي؟ ماهي المؤثرات التي تؤثرعلى التأخير و كيف يمكن تلافيها أو تقليصها؟
4- الحركة: هل يتحرك الأشخاص أو المعدات بشكل غير مفيد؟ كيف يمكن تقليص الحركة بما يكفل تقديم الخدمة أو تصنيع المنتج في وقت أقل؟.
5- النقل: هل يتم نقل المواد بكفاءة (مثال: وقت التوصيل، كمية المواد، نوع وعدد المركبات، عدد السائقين، استهلاك المحروقات)؟
6- إعادة الأعمال: هل يتم تصنيع جميع المنتجات أو تقديم الخدمات بطريقة صحيحة من المرة الأولى أم تعاد؟ و كيف يتم تلافي الإعادة في المستقبل؟.
7- المعالجة الزائدة: هل يتم العمل عدة مرات على نفس المنتج او الخدمة من غير داعي؟ هل يكون هناك منتجات تالفة؟ كم تقضي من الوقت لإصلاح المنتجات التالفة؟ كيف يتم إنهاء المطلوب بأقل فترة ممكنة و بطريقة صحيحة من المرة الأولى؟ .
و يجب أن ينتبه القارئ الكريم إلى أن هذا الهدر يتواجد على سبيل المثال لا الحصر في المؤسسات الإنتاجية مثل المصانع، أو في الإدارات الحكومية مثل الوزارات، أو في المؤسسات الخدمية مثل المكاتب الهندسية. و تكمن فوائد تطبيق هذا المبدأ على المنشأة في تحسين مستويات الجودة، و زيادة الإنتاج، و المرونة في التغيير، و الإستفادة من مساحة العمل، كما يؤدي إلى خلق بيئة عمل محفزة تعمل على تقليص النفقات بعد إزالة مسببات الهدر و الإستخدام الأمثل لجميع الموارد بما يكفل زيادة الأرباح أو على الأقل تقليل الخسائر.
لذا أود أن أقترح على كل مسؤول في جميع الجهات الحكومية أو الخاصة أن يبادر بتعيين فريق عمل يتناسب مع حجم المنشأة لمراجعة أداء مؤسسته و سيجد أنه يستطيع تلافي الكثير من أنواع و مسببات الهدر.
لديّ إيمان كامل بأن كل ما نحتاجه لتحسين أداء القطاعين الخاص و العام لمجابهة التحديات الاقتصادية و تحقيق الرؤية الوطنية 2030، هو الثقة بالله سبحانه ثم بشباب و شابات هذا الوطن من المتميزين. لسنا بحاجة إلى أشخاص ذوي خبرة طويلة، و لا إلى استشاريين سواء أكانوا وطنيين أو أجانب، و لا نحتاج إلى زيارات كثيرة لدول أخرى لمعرفة ما نريد أن نتخذه. لدينا كل ما نحتاج – أبناء و بنات الوطن المتعلمين في أرقى جامعات العالم و الذين لديهم الحماس و الإصرار و الالتزام للمشاركة الإيجابية في شتى نواحي الحياة. أعطوهم الثقة و الفرصة و ستجدوا ما يبهركم و يبهر العالم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال