الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في المؤتمر الذي انعقد بتنظيم هيئة سوق المال بالتعاون مع البنك الدولي، والذي أقيم في الرياض يوم الثلاثاء السابع من ربيع الأول 1438هـ الموافق السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2016 كان عنوان المؤتمر “الصكوك الإسلامية.. التحديات والفرص” وتميز المؤتمر بتنوع المشاركين بين الخبراء وكبار المسؤولين وممثلين للجهات التنظيمية والتشريعية والممارسين، ما زاد من إثراء اللقاء، إضافة إلى عدد الحضور الجيد والتغطية الإعلامية التي حظي بها المؤتمر.
الصكوك الإسلامية هي إحدى الأدوات التي تأخذ حظها من الاهتمام على مستوى الممارسة في المملكة، رغم الاهتمام بهذا النوع من الأدوات المالية الإسلامية في كثير من دول العالم، ونظرا إلى أن المملكة اليوم ـــ كما ذكر أحد المحاضرين ـــ بعد أن كانت مصدرة للسيولة أصبحت مستوردة لها نظرا للتذبذب في عوائد النفط وتوجه الحكومة للتخصيص، إضافة إلى الخطط التي تعمل عليها الحكومة لتحقيق الاستدامة في التنمية.
المؤتمر عرض مجموعة من الأمور التي تواجه الصكوك الإسلامية محليا من ضمنها قلة الوعي بهذه الأداة، باعتبار أنها أداة ينظر لها على أنها متوافقة مع الشريعة، وبالتالي لن يكون لدى الأفراد التحفظ في الاستثمار فيها، علما بأنها أداة فعالة لكثير من المستثمرين الذين يبحثون عن استثمار منخفض المخاطر أو من يريد أن يوازن محفظته الاستثمارية.
من الإشكالات المتعلقة بالصكوك مسألة قابليتها للتداول وقدرة الفرد على الاشتراك بها، حيث نجد أن كثيرا من الشركات، بل بعض القطاعات الحكومية التي تصدر الصكوك تصدرها بقيمة اسمية عالية، وبالتالي يجد الفرد صعوبة في شراء تلك الإصدارات، بل الأسوأ أن بعض هذه الإصدارات لا يكون مطروحا للعموم، حيث إنها تستهدف فقط كبار المستثمرين أو مستثمرين أجانب، وهذا يفوت الفرصة على كثير من الأفراد للاستثمار في أداة استثمارية جيدة مثل الصكوك، وهنا تأتي أهمية الإلزام بطرح ولو جزءا من هذه الإصدارات للعموم على غرار الأسهم، إضافة إلى تخفيض القيمة الاسمية للصك، بحيث لا تتجاوز ألف ريال ولو كانت أقل فهو أفضل.
من الإشكالات التي طرحت في المؤتمر مسألة تتعلق بالهيئات الشرعية واختلاف آرائها بخصوص المعاملات المتعلقة بالصكوك الإسلامية، والحقيقة أن هذه الإشكالية موجودة في جميع المعاملات بمختلف صورها، وقطاع الأعمال حساس جدا وعامل الوقت لديه مهم أيضا، ولذلك سيجد أنه من الصعوبات التي تواجهه في موضوع الصكوك، إقرارها من الهيئة الشرعية باعتبار وجود تباين في هذا الخصوص، وهنا يتحدث البعض عن أهمية وجود هيئة عليا مركزية للمعاملات البنكية أو المصرفية للحد من التباين بين المؤسسات المالية الإسلامية في القرارات، وهذه إشكالية كبيرة أيضا، إذ إن المعاملات لا يمكن مراجعتها جميعها بتفاصيلها على هذه الهيئة الشرعية لكثرة المعاملات للبنوك وشركات التأمين ومؤسسات التمويل الإسلامي وشركات التمويل العقاري، وأي جهة لديها معاملة تحتاج إلى رأي شرعي من قبل المؤسسات المالية الإسلامية، كما أن المراجعة وإجراءاتها وما قد يتبع ذلك من طلب تفاصيل معينة أو تعديل، فإن المنتجات قد تأخذ مراجعتها شهورا إن لم تصل إلى سنة أو أكثر، ولكن النموذج الأفضل هو صياغة مجموعة من المعايير والإجراءات والتنظيم لعمل الإدارات الشرعية بالمؤسسات المالية الإسلامية، ويشمل ذلك المنتجات على غرار تجارب قائمة، كما في معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية أيوفي، أو مجلس الخدمات المالية الإسلامية، وهذه المعايير تلتزم بها الهيئات الشرعية للمصارف، وفي حال كان لها رأي مختلف عن الهيئة المركزية؛ فمن الممكن عرضها على الهيئة المركزية التي وضعت المعايير بتفاصيل مع المبررات والأدلة، كما أنه يعرض على الهيئة المركزية ما يستجد من منتجات لدراستها وإعداد معايير شرعية لها مع تقديم فرصة مؤقتة للمؤسسة المالية للاعتماد على هيئتها الشرعية في بداية التطبيق إلى أن يتم إقرار المعايير الخاصة بالمنتج الجديد، كما أنه من الأهمية بمكان أن يكون لهذه الهيئة الشرعية المركزية مسؤولية وضع معايير وتنظيم مؤهلات من يعمل عضوا لهيئة شرعية أو موظفا في إدارات الرقابة بالمؤسسات المالية الإسلامية.
فالخلاصة أن الصكوك الإسلامية تعد إحدى الأدوات الفاعلة التي يمكن أن تحقق للسوق فرصا أكبر لاستقطاب السيولة وتضيفها بصورة أكبر، ومن الأهمية في هذه المرحلة النظر في مجموعة من الإجراءات، ومن ذلك التعريف أكثر بالصكوك الإسلامية في المجتمع، وطرح مزيد من الإصدارات، وأن تكون متاحة للأفراد بتخصيص جزء منها، حيث يكون طرحا عاما، وأن تكون القيمة الاسمية لها مناسبة للأفراد، إضافة إلى أهمية ضبط معايير شرعية لها بما يساعد المؤسسات التي ترغب في إصدار هذه الصكوك على الالتزام بتلك المعايير ويسرع في إجراءات الطرح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال