الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لن أبدا هذا المقال بكلام إنشائي او انفعالي مع انه يحق للناس الانفعال من تصريحات بعض الوزراء ، بل سأستخدم لغة الأرقام والدراسات لعل وعسى تصل الفكرة لمن يطربون للدراسات والاستشارات والمقارنات بالدول المتقدمة.
حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، فان نسبة السعوديين الذين اكملوا المرحلة الثالثة من التعليم اي ما بعد التعليم العام اي (التعليم العالي) سواء كليات او جامعات او غيره هو22 ٪ فقط للناس بين سن 25 الى 64سنة، ولكي نكون دقيقين اكثر حتى لا يقول قائل اننا جمعنا الكل، فان نسبة الشباب السعوديين بين 25-34 سنة الذين اكملوا المرحلة الثالثة هم ٢٦ ٪ فقط عام (2013) ، ولنقارن هذه النسبة بالدول المتقدمة ، أمريكا 46٪ ، بريطانيا 49٪ ، اليابان 59٪، استراليا 48٪ وكوريا 68٪.
وذكرت كوريا الجنوبية آخراً لأبين مثال ان احد اهم أسباب الارتفاع الصاروخي الاقتصادي والتقدم في كوريا هو رفع نسبة دخول المواطنين لمرحلة التعليم العالي ، بينما نجد اننا في السعودية لم نصل في التعليم العالي الى نصف نسبة الدول المتقدمة. الفكرة الجديدة التي يتحدث بها الوزير عن إغلاق الأقسام النظرية ، هي فكرة غريبة في نفس الوقت ، منذ متى كانت الجامعات تنشئ لسوق العمل ، الهدف الأساسي للجامعة نشر العلم والمعرفة والابحاث وجزء من نشاطها تلبية سوق العمل. هل راينا الدول الكبرى والمتقدمة تغلق تخصصاتها لانه لا تلبي سوق العمل؟، مع ان الدول المتقدمة يعتمد خريجيها اعتماد شبه كلي على القطاع الخاص، فلا يوجد شي يسمى قطاع حكومي عام مترهل.
ومع ذلك لم يشتكي احد ولم يطالب باغلاق التخصصات التي ليس عليه طلب كبير ومعدلات البطالة قليلة والقطاع الخاص يمتص بسهولة كل التخصصات ، هناك سوء فهم وخلط للشهادة الجامعية ، الشهادة الجامعية ليست مجرد تخصص فقط بل هي مرحلة تدل ان الانسان وصل من الفهم والإدراك والنضج لما يؤهله ليصبح جامعي بغض النظر عن التخصص.
ولنأخذ الموضوع من وجهة نظر اقتصادية ، من أهداف رؤية 2030 رفع الدخل للمواطن ، واثبتت الدراسات العالمية ان مستوى دخل الشخص يتعلق بتعليمه ، فكلما ارتفع مستوى التعليم ارتفع الدخل وهذا لا جدال فيه وهناك العشرات من الدرسات الكبرى التي لا يتسع المجال لذكرها تثبت ذلك. الشي الاخر والمهم اننا كسعوديين شعب قليل نسبيا 20 مليون مقارنة ببقية الدول لذلك يجب ان ينصب تركيزنا على زيادة المواطنين ذوي الاعمال والمهارات والشهادات العالية لانه سيرفع الاقتصاد وهذا ما تركز عليه دول قليلة السكان مثل سويسرا وسنغافورة، حيث زادت المقاعد الجامعية، فوظيفة واحدة ذات مهارة وشهادة عالية قد تجلب 10 أضعاف دخل وظائف مهنية.
كيف نردد برؤية 2030 اننا نريد اقتصاد معرفي ونحن نريد تقليل قبول الجامعات؟ !! لدينا مثال واضح وجلي في الخليج على ان الشهادة هي وصول معرفي ونضج وليس مجرد تخصص ، بول غريفيثس المدير التنفيذي لمطارات دبي ، يدير من انجح واكبر المطارات بالعالم ، مطارات دبي ، وقبلها ادار بعض مطارات لندن تخصصه موسيقى ، وهو عازف محترف لآلة الاورغن الموسيقية ، ورجل اعمال ومدير ناجح ، فالشهادة هي مرحلة ونضج ينطلق الشخص منها وليس احتكار لتخصص معين.
صراحة استغرب من معالي د. علي الغفيص تصريحة وهو خريج بنسلفانيا ، ارض الأسطورة بنجامين فرانكلين ، احد اهم الآباء المؤسسين لامريكا (كما يطلق عليهم) ، الذين اسسوا أمريكا وله مكانة رفيعة جدا في التاريخ والحضارة الامريكية لدرجة انهم خلدوا ذكره على اكبر عملة أمريكية (هو الرجل الذي تظهر صورته على ورقة 100 دولار ) وهو القائل عبارته الشهيرة (الاستثمار في المعرفة (والتعليم ) يعطي أفضل الفوائد (الأرباح)) “An investment in knowledge pays the best interests”. وشبه التعليم بالاستثمار التجاري الذي يدفع أفضل الأرباح للتاجر الذي يستثمر فيه ، فاكبر استثمار عملته المملكة هو تعليم ابنائها في الداخل والخارج وسياتي يوم تظهر النتائج .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال