الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وإن كنت دائما أربأ بنفسي بأن أذكر أي توقعات لأسعار النفط، لأن أسواق النفط شديدة الحساسية ولا يستطيع أحد التنبؤ بها ، لما فيها من متغيرات ، والله سبحانه وتعالى يقول: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّه)، فالله سبحانه وتعالى وحده يعلم الغيب ، ولكن هناك توقعات للأسعار بعد الأخذ بالدراسات وبمعطيات ومعنويات أسواق النفط القادمة، وتوازن العرض والطلب، واتجاه مخزونات النفط، وتوسعة مصافي التكرير، والزيادة في الطلب على النفط … وغير ذلك، والا فإنه لا أحد يستطيع التنبؤ بالأسعار بشكل أكيد. ولكن نحن – والله أعلم- أقرب إلى تكرار سيناريو عام 2002 عندما لم تهبط الأسعار عن حاجز 20 دولار للبرميل بعد اتفاقية منتجي دول أوبك وخارجها آنذاك، ولذلك فإنه بإذن الله تعالى لن نرى الأسعار دون حاجز الـ 50 دولارا لا في المدى القريب والمتوسط مع أساسيات أقوى لأسواق النفط، بعد تكرار الاتفاقية بعد 15 عاما كما أوضحت في الجرافات المرفقة.
(للاطلاع على الجرافات فضلا اضغط هنا)
فإنه ما إن بدأت بوادر توازن العرض والطلب في أسواق النفط بعد الاتفاق التاريخي بين دول أوبك وخارجها على تخفيض الانتاج ، والذي جاء ثمرة المنظومة الخليجية التي عززتها زيارة خادم الحرمين الشريفين التأريخية لدول الخليج العربي، ودورها الإقليمي والعالمي الكبير.
فما إن بدأت أسعار النفط بالانتعاش، إلا ورأينا بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي، ولاحظنا أن ارتفاع سعر الفائدة الأمريكية لم يستطع بفضل الله أن يؤثر على أساسيات أسواق النفط ويضغط على الأسعار نزولا، حيث فشلت محاولة أمريكا لتكرار سيناريو عام 1986 عندما جرفت أسعار النفط إلى الانخفاض إلى 10 دولار للبرميل لتحفيز الاقتصاد الأمريكي آنذاك، لأن أمريكا تقوم بالتحكم في قيمة الدولار وذلك عبر التحكم بسعر فائدة الدولار، لأن الدولار الأمريكي هو العملة الأولى في العالم من حيث القوة الاقتصادية، والعملة التي يتم تداولها في أغلب التعاملات النفطية العالمية. وبذلك نجد أنه من الواضح أن ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي هو الذي تسبب في انهيار أسعار النفط من 31.72 دولارا للبرميل الواحد في نوفمبر عام 1985 إلى 10.42 دولار للبرميل الواحد في مارس من عام 1986 وهو من أدنى مستويات الانخفاض لأسعار النفط.
ومع ذلك ففي نهاية عام 1986، وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط، فإن التدفق النقدي القوي كان مقياسا رئيسيا لقوة البنوك الأمريكية التي حافظت على زيادة توزيع الأرباح والتي أدت في النهاية إلى تفوق أسهم شركات النفط حتى عند أسعار النفط المنخفضة في ذلك الوقت!!.ولأن هناك علاقة عكسية بين سعر الدولار وسعر النفط، حيث إن انخفاض أسعار النفط يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع سعر الدولار والعكس صحيح، كان من المفترض أن تتأثر أسعار النفط بشدة، وتهبط بعد زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكى لأسعار الفائدة مؤخرا مما أدى إلى ارتفاع الدولار الأمريكى إلى أعلى مستوياته في 14- السنة، والذي يجعل شراء النفط أكثر تكلفة بالنسبة للتجار الذين يستخدمون عملات أخرى لشراء النفط الخام، ومع ذلك استقرت أسعار النفط لأن تركيز الأسواق لايزال عند خفض إنتاج دول أوبك وخارجها، واقتراب زوال التخمة من أسواق النفط بوتيرة أسرع من المتوقع، وهناك بوادر ارتفاع الطلب العالمي بوتيرة أسرع من المتوقع في عام 2017 كما أفادت وكالة الطاقة الدولية في آخر تقرير شهري لها هذا العام.
ومن الواضح أن أمريكا فشلت بحمدالله في التأثير على أسعار النفط نزولا وتكرارا لسيناريو عام 1986 خصوصا مع أساسيات أسواق النفط القوية والتي دعمت بعد اتفاق منتجي أوبك وخارجها على تخفيض الانتاج منذ عام 2002، في ذلك الوقت عندما ارتفعت الأسعار من 20 دولارا للبرميل في يناير 2002 إلى 34 دولارا للبرميل بعد الستة الأشهر الأولى، ومنذ تلك الاتفاقية ولم تهبط أسعار النفط قط دون حاجز ال 20 دولارا للبرميل، حيث ومنذ البدء في تفعيل تلك الاتفاقية في يناير 2002، أخذت الأسعار بالارتفاع التدريجي إلى أن وصلت حاجز المائة دولار للبرميل عام 2008. وأنا لا أذكر هذه الحقائق للمقارنة فقط، ولكن للجزم أيضا بإذن الله على تكرار هذا السيناريو في ضوء معطيات زيادة الطلب نقص الإمدادات المحتمل على المدى المتوسط نتيجة النقص الحاد في استثمارات المنبع خلال العامين الماضيين.
إذا جميع المعطيات بإذن الله تؤكد أن الأسعار لن تنخفض دون حاجز ال 50 دولارا هذه المرة، ونذكر أن الأسعار لم تنخفض دون العشرين منذ يناير 2002، رغم تتابع الكثير من الأحداث المؤثرة سلبا على الأسواق، ولكن أود أن أنوه وبشدة أن سيناريو عام 2002 لم يشهد نقصا في استثمارات المنبع، ولا بنقص الإمدادات مما يجعل احتمال ارتفاع أسعار النفط يأخذ احتمالا أكبر، بعوامل أقوى وأشمل إن شاء الله.
Oil-Prices-After-2017.pdf
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال