الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التوظيف الوصفي للكلمات، تُوقع المُلقي والمُتلقّي في المنطقة الضبابية، لأن المعنى المُراد إيصاله يختلف حسب الحالة المزاجية للشخص، والتأثير النفسي والعلمي والمادي عليه والتوفيق في اختيار الكلمة المناسبة للوصف. وهذا طبيعة إنسانية لا يُمكن الفكاك منها. لذلك أرى أن لغة الأرقام أكثر دقة في النقل والتوظيف، لأن الرقم ثابت وكل يراه بحسب خلفيته وزاويته فهناك من يرى أن الرقم 4 كبيرا وبعضهم يراه صغيرا ومنهم من يقارنه بغيره من الأرقام لتحديد رأيه في هذا الرقم.
ونحن على أعتاب السنة الميلادية الجديدة، وهي الفترة التي تزدحم بالأرقام والتقارير الإحصائية من مختلف الجهات، بما فيها الموازنات المالية للدول. ومحليا الجميع ينتظر الإعلان الرسمي للموازنة السعودية الجديدة. وإسدال الستار عن الحجم الحقيقي للإيرادات السعودية خلال عام 2016. ليس جديدا أن نرتبط عاطفيا وذهنيا ومحاسبيا بالبترول وسعره. ونظل في حالة ترقب لما يحمله هذا البرميل الأسود من قيمة مادية. فما زال هو عصب الموازنة ماديا ومصدر التوريد الأساسي فيها.
ترنحت أسعار البترول في الفترة الأخيرة بشكل جنوني وبدأت تعابير الجهات الإختصاصية والإستشارية والحكومية عالميا ومحليا تمثل فارق واضحا فبعضهم يرى أنها أزمة كمثل الأزمات السابقة التي مرت بها السعودية ومنهم من فضل وصفها ببداية النهاية وأن السعودية باتت قريبه من باب الإفلاس. وهكذا كانت الحاجة مُلحة للغة أرقام ثابتة وواضحة تنقل الصورة كما هي وتجعل القارئ لها هو الحكم وهو من يختار الوصف لها سواء كان متشائما أم متفائلا.
فحسب التقرير الرسمي الصادر من “ساما” لعام 2015م فإن متوسط أسعار البترول عام 2000م لسلة أوبك 27,6 دولار أمريكي للبرميل الواحد وفي عام 2001م بلغت 23,1 وفي 2002م 24,36 وفي عام 2003م 28,10 وفي عام 2004م 36 وفي عام 2005م 50,6 واستمر هذا المتوسط بالارتفاع كما هو معروف حتى بلغت في عام 2014م 96 وفي عام 2015م 49,49 دولار. وهذه الأسعار الخاصة بسلة أوبك أما أسعار النفط العربي الخفيفة فهي قريبة جدا من هذه الأرقام ولكي لا يزدحم المقال بكثرة الأرقام وتتعقد المسألة أكتفي بعرض متوسط أسعار سلة أوبك.
والكثير ينتظر ما ستفصح عنه ميزانية السعودية وإيراداتها النفطية لعام 2016م لمعرفة المتوسط الحقيقي الذي حققته السعودية في مبيعاتها طوال السنة. مع أن بعضهم بدأ بالتوقع منذ الآن وهو ما سيكون أفضل مما تم التخطيط له في بداية موازنة 2016م. عندما يكون متوسط البيع للعام الماضي ما يقارب ضعف المتوسط في عام 2000م ونتذكر أننا تجاوزنا تلك المرحلة بكل اقتدار، وانطلقنا منها بشكل أقوى في ضخ مشاريع للبنية التحتية بشكل أكبر.
لماذا ما زال بعضهم يستخدم الوصف التشاؤمي في جميع كتاباته وحديثه؟ صحيح أن منهم من سيُعقد الموضوع بالمقارنة بحجم النمو السكاني ونمو حجم المشاريع مما وسع فاتورة التكاليف والصيانة وزيادة التضخم وغيرها الكثير من العوامل، وهذا طبيعي، لكن لماذا يتم دائما طرح هذه النقاط وإغفال تطور البنية التحتية وتطور أعداد المؤهلين علميا ومعرفيا بعد عقد كامل من الإبتعاث والتدريب والتعليم الجامعي. وزيادة حجم الإحتياطيات النقدية.
انخفض سعر البترول سابقًا لما هو دون ما حدث في الفترة الأخيرة وكانت فترة عصيبة وانتهت وعادة دورة الحياة الإقتصادية من جديد في هبوط وارتفاع. نحتاج للواقعية والوسطية في الوصف، مثلما نحتاج للتطوير والتنويع الدائم لمصادر الدخل وتحسين البيئة والأنظمة باستمرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال