الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تطور مفهوم الميزانية مروراً بمراحل متعددة حيث تعود بدايات استخدام الموازنات إلى كونها مجرد أداة لحصر الإيرادات والمصروفات بما يكفل الحد من اختلاس أموال الدولة ويضمن عدم صرفها في أوجه غير مشروعة ولا يزال هذا أحد استخدامات الموازنات العامة اليوم. من أين تنبع أهمية إعداد الموازنات العامة؟ أعتقد أنه السؤال المهم لأن فهم دور عملية إعداد الموازنة هو الأساس؛ فيا ترى ما هي مقومات الموازنة الناجحة أو معايير جودة الموازنة؟
تاريخياً سار مفهوم الموازنة جنباً إلى جنب مع مفهوم التخطيط لأن الموازنات غير المرتبطة بالتخطيط ليست إلا أرقاماً على الورق، فالموازنة يجب أن تكون نتيجة لعملية التخطيط التي تتعامل مع كل التفاصيل بدءاً من دراسة الظروف الاقتصادية محلياً وخارجياً؛ وتقدير مقومات الاقتصاد المحلي (الموارد المادية والبشرية)؛ والتنبؤ بالمؤشرات الاقتصادية والنمو السكاني لتكون النهاية ميزانية قائمة على أفضل فهم لكل هذه العوامل مشتركة.
الموازنة ما هي إلا عملية وضع الخطط والمبادرات في صيغة رقمية تسمح بقياس الآداء وتقييم مدى النجاح في إدارة الموارد المالية للاقتصاد بهدف ضمان التنمية الاقتصادية المستدامة والتي تتجلى في تحقيق مستوى مقبول من الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
الموازنة آداة من أدوات عدة تهدف لدعم عملية تحقيق الأمن الاقتصادي من خلال إيضاح تفاصيل الإيرادات والنفقات ومقارنتها بالتقديرات الأولية؛ لكن تساوي كفة الجانبين الإيرادات والنفقات لا يعني النجاح، ولا حتى كون إجمالي النفقات الفعلية مساوياً أو مقارباً للإنفاق المخطط لا يعني فعالية الإنفاق. ولا حتى تجاوز الإيرادات للنفقات ليس دليل الرفاه فكم من الاقتصاديات التي لا تتمتع بالفوائض الكبيرة ولكن البطالة والتضخم مستفحلان، وكم من الاقتصادات التي لا تتمتع بفائض الإيرادات ولكن مؤشرات الاقتصاد الكلي لديها إيجابية!
إضفاء المزيد من الشفافية حول تفاصيل الداخل والخارج في الميزانية السعودية هو أمر يثلج الصدور؛ وهو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن العبرة هي أن الموازانات ما لم تنعكس على التنمية الاقتصادية المستدامة ورفاهية المواطن ستظل في نهاية المطاف مجرد أرقام حتى وإن لم يتجاوز الإنفاق ما هو مخطط له؛ حتى وإن تخطت الإيرادات التوقعات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال