الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في السنوات الخمس الأخيرة وحتى الأسبوع الماضي، توالت حزم القرارات المتعلقة بسوق العمل والقطاع الخاص، والسعي الحثيث من خلال هذه القرارات بتقليل أعداد العمالة الأجنبية وزيادة نسبة التوطين. بعيد عن جدلية صحة هذه القرارات من عدمه ومدى فائدتها أو نجاح هذه الخطط، الوقت سيفي بالإجابة والتجربة خير برهان.
تسببت هذه القرارات والتي كان آخرها الأسبوع الماضي مع إعلان موازنة 2017م في إطلاق ردة فعل بعيدة تماما عن المحاورالأساسية التي يمكن القبول بمناقشتها مثل زيادة التكلفة التشغيلية، وقلة أعداد المتخصصين من المواطنين لسد الإحتياج وغيرها من محاور النقاش المنطقية إلى محور جديد ومغاير تماما يرى أن في مثل هذا الإقصاء والتقليل في الإعتماد على العمالة الأجنبية نوعا من أنواع التميز العنصري وأنه من الواجب إحتواء العامل وتمكينه بمزايا أكبر من مجرد عقد عمل.
هناك فرق شاسع بين إحترام العاملين من الأجانب والمطالبة بتطوير أنظمة العمل والحقوق وتحسين بيئة العمل للجميع وبين ما يُطالب به هؤلاء. لدرجة أن بعضهم يرى أن في مثل هذه القرارات رجعية لا تصدر إلا من دول العالم الثالث ويجب الإقتداء بدول العالم المتقدم. الإشكالية الرئيسية أن الغارقين بالسلبية حتى اضمحلت شخصيتهم وقدرتهم على تميز الصحيح من الخاطئ من قرارات وتجارب الدول الأخرى، يرون بعين واحدة لما تفعله السعودية ويرون بعين أخرى لما تفعله دول العالم الآخر.
جميع الحكومات حول العالم لديها ذات التجربة من المعاناة في سبيل الموازنة بين توظيف وتمكين أبناء شعبها وبين استقطاب العمالة الأجنبية إما لمهارتها العلمية أو مهارتها اليدوية لبعض الأعمال. وعندما يصلون لحد الإشباع تبدأ ترتفع الأصوات المطالبة بالتقليل وتمكين أبناء البلد.
فشاهد العالم كيف كان محور هجرة الأجانب وعملهم في عدد كبير من القطاعات في بريطانيا لدرجة أنهم بدأو ينافسون أبناء البلد ذاته في معيشتهم كان أحد المحاور الفعّالة في حملة المطالبة بالإنفصال عن أوروبا لإيقاف تدفق المزيد من الأوروبين والمهاجرين على حد سواء. وذات المشكلة لاحظنا أنها رفعت أصوات المطالبين بإيقاف تدفق المكسيكيين للأراضي الأمريكية بسبب مزاحمتهم على وظائف الأمريكين وكيف استغل ذلك الرئيس المنتخب دونالد ترمب.
يغيب عن ذهن من يرى في قرار السعودية تطوير وتحسين بيئة العمل لزيادة نسبة السعوديين وتقليل أعداد الأجانب. أن السعودية من البلدان التي تتميز بالكثافة السكانية من فئة الشباب وهذا يعود لطبيعة المجتمع في محور الزواج وإرتفاع أعداد المواليد. بينما في الدول الغربية على سبيل المثال تعاني من قلة أعداد الشباب وهو ما يجعلها تعوض هذا النقص إما بالتجنيس للمهاجرين أو السماح بأعداد أكبر للحصول على فيزا للعمل المؤقت.
وهذه السياسة لدى الدول الأخرى ليست مفتوحة على مدى الحياة، بل نجدها تتغير تبعا للحاجة، فكندا التي كانت تستقبل عدد كبير من المهاجرين لها الذين يسعون للحصول على الجنسية لم تعد شروط الإنضمام إليهم الآن بالسهولة التي كانت عليه قبل عقود. فلا يمكن لدولة في العالم، أن تتصدر القائمة لتحل مشاكل التوظيف التي تعاني منها دولة أخرى فتقوم باستقطاب مواطنيهم لتوظيفهم وتخفف من بطالة أبنائهم على حساب بطالة أبنائها!
الموضوع لا يعدو عن كونه حق مشروع لأي دولة أن تخفف وتُشدد شروط الحصول على فرصة عمل في أراضيها وأن تسعى دائما لرفع معيار الكفاءة للقادمين حتى يكون لهم قيمة مضافة لسوق العمل، بدلا من أن تكون محطة تدريب مجانية لبعضهم. فهل ما تقوم به بريطانيا وأمريكا وكندا حلال عليهم وحرام علينا؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال