الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إعلان ميزانية عام 2017 وما رافقها من برامج أكد أن الحكومة السعودية ماضية بكل ثقة في طريق إصلاح الاقتصاد. هذا الطريق طويل وصعب، وما زلنا في بدايته، وقد أثبتت سنة 2016 مدى صعوبة هذا الطريق. ولكن على الرغم من ذلك، فقد جاءت نتائج الإيرادات والمصروفات لعام 2016 ضمن ما خطط له. وذلك يعكس مدى التزام الأجهزة الحكومية بخطة “التحول” و”الرؤية”، إضافة إلى فعالية البرامج المطروحة. أبرز ما طرح في إعلان الميزانية هو تغير نظرة ومدى نطاق الميزانية الزمني، ليمتد من عام واحد، مع برنامج التوازن المالي وصولا حتى عام 2020. هذا البرنامج هو بمنزلة صمام الأمان الرئيس للاقتصاد السعودي، وهو ما سيعبر به أزمة انخفاض الإيرادات النفطية على المديين القصير والمتوسط.
برنامج التوازن المالي طرح عدة مبادرات تتكامل مع خطة التحول الوطني في ضبط الإنفاق الحكومي ورفع كفاءته وتنويع مصادر التمويل. أخص بالذكر مصادر التمويل لأنها تشمل الزيادة في الرسوم ورفع الدعم وكذلك إدارة الدين العام. فهذه العمليات ليست بالضرورة تنويعا لمصادر الدخل بعيدا عن النفط. إنما هي إعادة هيكلة شاملة لوضع الاقتصاد الحالي تعمل على توجيه الإنفاق والتدفقات النقدية إلى وجهاتها الأكثر فائدة وأهمية وأعلاها عائدا في المستقبل بما يؤسس لتحقيق “رؤية السعودية 2030”. فالرسوم الإضافية والدعم المرفوع إنما هما نتيجة للاقتصاد الحالي ولا يشكلان مصادر دخل إضافية. ولذلك فإنه لا يزال يعمل ضمن دائرة الاقتصاد الريعي القائم على الصادرات النفطية.
أهمية برنامج التوازن تكمن في تغير أسلوب الإدارة بشكل كلي. فبعد أن كانت الميزانية تدار كبنود مصروفات، نظرا لأن الإيرادات متوافرة في بداية العقد، تحولت إلى إدارة أزمة في العامين الماضيين. أما اليوم فقد تحولت إلى التسديد والمقاربة بين النمو والكفاءة في ظل الترشيد. يظهر ذلك جليا في الطريقة التي طرح بها وزير المالية أهداف الرسوم المستحدثة. فهي إن كانت في ظاهرها تدعم خزانة الدولة، إنما لها أبعاد أخرى أكثر أهمية. فعلى سبيل المثال، فإن الرسوم المفروضة على مرافقي الوافدين إنما تعمل كآلية لرفع كفاءة العامل الوافد، بدلا من استقطاب العمالة الرخيصة غير المتعلمة. فتضطر تلك العمالة إلى الرحيل لتوفر بذلك ما تستهلكه من موارد طبيعية محدودة. وبذلك فإن هذا الرسم إما أن يدعم الخزانة بشكل مباشر أو يوفر على الاقتصاد بشكل غير مباشر.
الشفافية العالية التي انتهجتها البرامج هي التي ستؤسس للاستقرار الذي يعيد القطاع الخاص للاستثمار مجددا. وهو الدور المطلوب منه لعبه بشكل متصاعد، خصوصا بعد النمو الهزيل الذي سجله في عام 2016 ليتمكن من توليد الوظائف. ولكن القطاع الخاص هو أيضا قد يكون في حاجة إلى برنامج مماثل لبرنامج حساب المواطن للحد من التأثيرات السلبية لبرنامج التوازن بما لا يتعارض مع أهداف برنامج التوازن من رفع الكفاءة. فبعض القطاعات الاقتصادية ستحتاج إلى دعم لتتمكن من التحول إلى روافد مالية جديدة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال