الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هذا المرة لن تكون مراقبة المواطن لنتائج رؤية السعودية 2030 كما كانت للخطط الخمسية، ولن تكون ردة فعله تجاه نتائجها كما حدث مع نتائج كل خطط التنمية العشر الماضية، فالوضع يختلف هذه المرة تماما عما كان في الماضي . أولا لأن المواطن ولأول مرة يشارك ماديا في التنمية فكل القرارات الإصلاحية التي تمت تحت مظلة الرؤية تأثر بها المواطن ماديا بشكل مباشر أو غير مباشر، وستؤثر عليه أكثر خلال السنوات القادمة مع استمرار تقنين الدعم على الطاقة والكهرباء والمياه .
ولأن الأوضاع الاقتصادية والسياسية داخليا وخارجيا ليست كالسابق ، وأي فشل لا سمح الله فإن عواقب ذلك الفشل وخيمة، لذلك فإن الجميع ينتظر ويراقب بدقة كل ما يتم بشأن الرؤية ويراقب نتائجها على حياته الخاصة .
المؤشرات التي وضعها المخططون في الرؤية لضمان نجاحها ولتحديد الإنحرافات كثيرة ومهمة وصارمة ، تبدأ بحوكمة تحقق الرؤية التي تتكون من ثلاثة مستويات وكل مستوى يتكون من عدة مراحل تصل لخمس مراحل في بعضها ، كل ذلك لضمان تحقق الرؤية ونجاحها . إضافة لذلك ما أعلنته كل وزارة على لسان وزرائها من أهداف تسعى لتحقيقها خلال مرحلة التحول الوطني 2020 ، التي هي المرحلة الأهم لقياس نجاح الرؤية السعودية 2030 .
سمع المواطن الكثير من الأرقام والمصطلحات الغريبة والوعود الضخمة جدا وتداخلت عليه الأمور وأختلطت الحقائق بالخيال ولم يعد معــظم المواطنين يستطيعون تحديد بوصلة الرؤية ومدى سيرها على الطريق الصحيح من عدمه . وذلك الغموض ليس مقتصرا على عامة الناس وبسطائهم بل حتى على المتعلم وذوي الشهادات العليا ، ولا أبالغ لو قلت حتى على بعض المتخصصين . وقد سألت كثيرا عن دلالات كثير من القرارت والمؤشرات والأرقام ونتائجها من أناس أعتقد أنهم على مستوى عالي جدا من المعرفة والخبرة .
لذلك مؤشرات المواطن لنجاح الرؤية تختلف عن مؤشرات المسؤول ، حيث تعتمد مؤشرات المواطن على إنعكاس ذلك النجاح على حياته الخاصة كفرد وجماعة ، أي أن المواطن لن يلتفت للأرقام التي سيسردها المسؤول ليثبت تحقق أهداف الرؤية ، ولن يهتم للمصطلحات الرنانة بأن الأمور تسير في الطريق الصحيح ، بل سينظر للتغيرات الإيجابية أو السلبية في حياته فهي المؤشر الموثوق والوحيد فقط .
وأهم تلك المؤشرات الشعبية لنجاح الرؤية إختفاء الفساد المالي والإداري أو إنحساره عما هو عليه الآن ليتراجع تأثيره المؤذي جدا في كل مفاصل الحياة ، فهو السبب الأول في فشل كل الخطط السابقة ، ولولاه لما كنا في الوضع الذي نحن عليه الآن من التقشف والبطالة وسيطرة العمالة الوافدة وسوء البنية التحتية وتردي جودة الخدمات في كثير من المرافق الحكومية .
ثاني تلك المؤشرات هو التوظيف ، بأن يحصل المواطن أو إبنه أو بنته على الوظيفة المناسبة لتخصصه بالأجر المناسب له ، ولا يحتاج في ذلك لواسطات وتوصيات وتوسلات ، وألا يرى مكانه من لا يستحقه من (أجنبي) أو غير مؤهل . وأن تنخفض البطالة للدرجة التي تتوافق مع عدد الشباب السعودي المؤهل وعدد العمالة الأجنبية المسيطرة على سوق العمل السعودي ، ومع قوة الاقتصاد السعودي ومع ما وعدت به الرؤية من توليد وظائف على كافة المستويات . فالنسبة الحالية ضخمة بكل المقاييس .
أما المؤشر المادي الأهم الذي سمعنا ومازلنا نسمع عنه الوعود تلو الوعود ولم نرى دقيقا لكل تلك الجعجعة بعد ، ذلك هو الإسكان الذي ربما تخلى عن الحلم به بعض السعوديين . يجب أن تُحقق الرؤية سهولة الحصول على السكن المناسب للأسرة ، ليس عن طريق قوائم الإنتظار الطويلة التي نعيشها الآن أمام الصندوق العقاري والإسكان التنموي أو بأي من مسميات الإقراض المستعجلة والبطيئة ، بل بخفض تكاليف الحصول عليه من قيمة الأرض وتكاليف البناء .
ومن المؤشرات المهمة التي تمثل أولوية لدى المواطن ارتفاع جودة الخدمات المقدمة من الحكومة وكفايتها لاحتياجاته ، بدءا من التعليم والصحة والخدمات البلدية والبنى التحتية المختلفة وإنتهاءا بالترفيه والرفاهية . وأخيرا أن يستطيع المواطن العيش بأمن من التقلبات الاقتصادية الكبيرة وتحديدا التضخم ، وأن يكون قادرا على العيش ضمن مستوى دخله دون شعور بالقلق من المستقبل .
لن يهتم المواطن بخفض الدين العام ، وحجم الإستثمارات الخارجية ، وعوائد الصندوق السيادي ، وانخفاض إستهلاك الطاقة ، وتحسن المستوى الإئتماني للدولة ، وتراجع حجم الدعم الحكومي لمن لا يستحقه ، وإزدياد حجم الصادرات غير النفطية ، وتحسن أسعار النفط ، ولن ينظر لكل الأرقام التي سيعلنها المسؤولون عن نجاح الرؤية مالم تتوافق مع ما يعيشه في الواقع فعلا . الوعد 2020 .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال