الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تناولت وسائل الإعلام المحليه والدولية في الربع الثالث من العام 2012م مئات التقارير والتحليلات والتي توقعت أن المملكة العربية السعودية وهي أكبر مصدر للبترول في العالم قد تصبح مستوردة له في العام 2030م وذلك بسبب الزياده المتسارعة في الإستهلاك المحلي للنفط. وأشارت معظم تلك التقارير إلى الأثار المدمرة على الإقتصاد العالمي في حال توقف المملكة عن تصدير النفط وعلى الاقتصاد السعودي بالطبع لاسيما وأن موارد البترول تزيد عن 90% من إيرادات الدوله!.
وكانت دراسه أعدتها مجموعة سيتي قروب (Citigroup) الأمريكية في ذلك الوقت قد أوضحت أنه إذا استمر تزايد استهلاك المملكة من البترول بمعدلاته في ذلك الوقت فإن الإستهلاك المحلي سيتجاوز الكميات المنتجه مما سيضطرها إلى إستيراد البترول بحلول العام 2030م!.
وقتها كانت المملكة تستهلك محلياً أكثر من ثلاثة ملايين برميل، وبقسمة ذلك الاستهلاك على عدد السكان فإننا سنصل إلى أن استهلاك الفرد في بلادنا هو أكثر من أربعة أضعاف إستهلاك الفرد في أمريكا ويصل إلى ثمانية أضعاف استهلاك الفرد في اليابان كما أشار الدكتور عبدالعزيز العويشق في مقالة كتبها ذلك العام وتحدث فيها عن وسائل عديدة لترشيد الاستهلاك. وكنت قد كتبت عدة مقالات تستعرض بعضها في تلك الفترة. وكانت قضية معالجة السعر الذي تباع فيه مشتقات البترول ومنتجاتها محلياً هو مربط الفرس لإيجاد أية حلول بديلة تنتشلنا من إمكانية تحقق ذلك الكابوس!.
وعندما أُعلنت رؤية السعودية 2030 في شهر أبريل من العام 2016م كانت حلماً وردياً وتلقاها الأغلبية بتفاؤل منقطع النظير، بل وبالغ البعض في الإشادة بها وأهدافها إلى الحد الذي تصور الكثيرون أنها قد تحققت بالفعل!. بينما تحدث البعض أو تسائلوا عن الأهم وهو كيفية تحقيق تلك الأهداف ومن سيقوم بذلك، وماهي الجهود المطلوبة والتضحيات الضرورية في سبيل المُضي نحوها؟.
تجدر الإشارة إلى أن عرابها سمو ولي ولي العهد قد ذكر بوضوح في المقابلة التي أُجريت معه في قناة العربية أن الرؤية هي (Vision) وليس بها أمور فنية ولاتحوي برامج تنفيذية. كما ذكر أن العام 2016 ستكون عام إصلاح بعض الأمور الممنهجة والمخطط لها. وأوضح ولي ولي العهد أن إنخفاض أسعار البترول لم يكن السبب في وضع الرؤية، كما أوضح أن المملكة بُنيت برجالها منذ التأسيس في إشارة ضمنية منه إلى أن أحفاد أولئك الرجال هم من سيقود المرحلة القادمة لنهضة وتجديد الدولة السعودية.
تحدث أيضاً البعض عن توقيت إطلاق الرؤية وعن كون ذلك قد تأخر كثيراً وربما لايكون هذا هو الوقت الأمثل بسبب التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة في الوقت الحالي بسبب انخفاض أسعار النفط خلال السنتين الماضيتين، والواقع أن تأخر إطلاقها وصعوبة الوضع الحالي لايعني التأخر أكثر، بل ويُحسب لمن تبناها ودعمها وأقرها اتخاذهم القرار مع معرفتهم بصعوبة التوقيت، وتحدث آخرون عن مدى واقعية ماتم وضعه كمستهدف للوصول إليه في العام 2030.
ثم أتت إجراءات التقشف والتي كانت مقرة ضمن ميزانية 2016 وقبل إعلان الرؤية لتخفيض مصاريف الدولة ولاسيما الباب الأول وتحديدا تقنين البدلات التي تأتي ضمن باب الرواتب والذي يستهلك مايقارب من نصف ميزانية المملكه السنويهة وغير ذلك. ولكن عندما أُعلنت تلك الإجراءات التقشفية ولاسيما ما يتعلق ببدلات الرواتب كانت ردت فعل الكثير تتركز على نسبة ذلك إلى الرؤية ومن أعدها أو أشرف عليها، بينما الموضوعين مختلفين تماماً وربما كان أحدهما مؤثراً على الآخر بشكل ما ولكن الربط الكامل (في تصوري) قد جافا الحقيقه، وربما كان تقارب الحدثين من ناحية الوقت أو تسلسل إتخاذ قراراتهما هو ما أدى إلى كل هذا اللغط.
من جهه أخرى فأنه عندما تم الحديث عن خطط وتوقيت رفع الدعم عن المشتقات البترولية ومنتجاتها أثناء إعلان ميزانية المملكه للعام 2017م بغرض ترشيد الإستهلاك وإستبدالها بالدعم المباشر للمستحقين من خلال حساب المواطن عاد المشككين لجدوى تلك القرارات لحملاتهم ونسوا أو تناسوا ذلك الكابوس الذي مر علينا منذ أربع سنوات!، وأصبح السؤال المطروح هو هل انتهى شهر العسل الخاص بالرؤيه؟!
لنجيب على هذا السؤال يجب أن نحدد بشكل دقيق ماهي الرؤية؟ ومن يُعدها؟ وكيف تتحقق؟ وهل المستهدف هو شهر العسل أم المستقبل بمجملة؟ وهو موضوع مقالتي القادمه بإذن الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال