الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشرت في صحيفة مال قبل بضعة أيام خبرًا عن اتجاه هيئة المحامين إلى فرض رسوم عضوية للمحامين المنتسبين إليها، حددت قيمتها حسب الخبر بمبلغ عشرة آلاف ريال سنويًا، على نحو أربعة آلاف محامٍ وهو عدد الممارسين للمهنة في الوقت الحالي. ورغم تصريح الهيئة عبر حسابها في تويتر بأنها لم تفرض رسومًا للعضوية “حتى الآن” لكن هذا لا ينفي نيتها انتهاج ذلك.
ليس غريبًا أو مستهجنًا أن تفرض هيئة تجمع مهني رسومًا للعضوية، فهذا هو الوضع المفترض، وهو ما تفعله كل نقابات المحامين في العالم مع اختلاف الظروف. ولكن الغريب والمستهجن هو أن تكون رسوم العضوية 10 آلاف ريال سنويًا، الأمر الذي سيجعل إجمالي ما ستحصله الهيئة 40 مليون ريال. ولا نعرف إذا كانت الهيئة ستراعي كما تفعل مثيلاتها في دول العالم الفوارق في دخل المحامين أو تضع شروط تسهيلات للمحامين المبتدئين. ولندرك ضخامة هذا المبلغ؛ نشير الى أن هذا الرسم بالنسبة لنقابة المحامين في شيكاغو (bar association) مثلًا هو أقل من 100 دولار سنويًا بينما تقدم النقابة تسهيلات ودورات تدريبية وتدعم المحامين المبتدئين أو الذين يواجهون صعوبات مهنية. ونشير كذلك إلى مثال أقرب وهو جمعية المحامين الكويتية التي لا يتجاوز الحد الأعلى لرسوم عضويتها ما يقارب 1500 ريال سنويًا.
السؤال هو: ما الذي ستفعله هيئة المحامين السعودية بمبلغ 40 مليون ريال، أي 200 مليون ريال في الخمس سنوات القادمة؟
هيئة المحامين السعودية رغم عدم استقلاليتها بعكس مثيلاتها في الدول الأخرى؛ إذ أنها تأسست عام 2015 بقرار من مجلس الوزراء وتعمل تحت إشراف وزارة العدل، إلا أنها تعتبر النظير المؤسسي لنقابات المحامين المهنية في العالم.
والجدير بالذكر أن الهدف من إنشاء هذه النقابات هو تطوير ممارسة المهنة عبر تدريب ورعاية الممارسين المسجلين واعتماد البرامج الأكاديمية بالتعاون مع كليات القانون وضمان توفر بيئة عمل محفزة للعاملين في مهنة المحاماة ومنح تصاريح ممارسة المهنة وتعزيز العدالة وسيادة القانون في المجتمع، وغيرها من الخدمات. لذلك استبشر المحامين بتأسيس هذه الهيئة إذ سيعملون تحت مظلة تطور مهنتهم وتضمن حمايتها على غرار نظيراتها في الدول الأخرى، إلا أن مبلغ عشرة آلاف ريال مبلغ كبير ولا يستطيع كثير من المحامين تحمله بالإضافة إلى أنه ليس من المؤكد أن الهيئة الوليدة ستحمي المهنة من الدخلاء والممارسين غير المرخصين الذين ينافسون المحامين في السوق ويعيقون تطور المهنة.
فهل نتوقع أنها ستستخدم هذا المبلغ لتحسين ظروف عمل المحامين ودعم المتدربين وضمان تأهيلهم خصوصًا في ظل تقاعس بعض المحامين ذوي الخبرة عن التزامهم الأخلاقي والمهني تجاه المتدربين؟ وهل ستقوم بعملها في رفع مستوى ممارسة المحامين لمهنتهم عن طريق دعمهم بتنظيم الدورات وإقامة المؤتمرات والندوات وما إلى ذلك كما ورد في التنظيم الخاص بها؟
ولا أعلم إن كان يهم هيئتنا الموقرة أن ما لاحظْتُهُ من خلال مشاركتي قبل بضعة أسابيع في دورة إقليمية في القاهرة بأن المحامين السعوديين المشاركين في الدورة كانوا الوحيدين الذين لم يتم ترشيحهم ودعمهم من قِبل نقابتهم، عكس بقية المشاركين الوافدين من أكثر من ثمان دول عربية الذين تم ترشيحهم ابتداءًا من قبل نقاباتهم ثم التنسيق مع الجهة التي نظمت الدورة ودعمهم والتكفل بسفرهم.
ما نأمله هو ألا تكون الأولوية لدى الهيئة هي فرض رسوم مبالغ فيها للعضوية، بل أن تسعى إلى تحسين ظروف عمل المحامين وتطوير المهنة وحمايتها. فهل التلويح بفرض رسوم مبالغ فيها يُبشر بقدوم عهد جديد تزدهر فيه المهنة؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال