الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كل السياسات الاقتصادية بمختلف توجهاتها تعمل على تحقيق هدف أساس وهو دعم النمو الاقتصادي. فمن خلال النمو يتوسع الاقتصاد ويمكن بذلك تحقيق أهداف مختلفة من زيادة الإنتاج أو الثروة أو معدلات التوظيف. ولذلك لم تكن السياسات التقشفية رائجة أو شعبية حتى عندما كانت الحاجة إليها ملحة. فمثل هذه السياسات تعمل على استهداف تحقيق النمو على المديين المتوسط والبعيد على حساب بعض من التراجع في المدى القريب، تكون فيه الطبقة الوسطى هي المتضرر الأكبر في معظم الأحيان.
المظهر العام للسياسة الاقتصادية السعودية يحمل هم تخفيف الاعتماد على النفط، إضافة إلى رفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتحديث الاقتصاد بشكل عام. وحتى يتم تحقيق ذلك، كان من الضروري اللجوء إلى سياسة تقشفية تعمل على إصلاح داخل بيت الاقتصاد السعودي لتهيئته لظروف المرحلة والمتطلبات المستقبلية. ونظرا لكون الاقتصاد السعودي ما زال يعد اقتصادا ناشئا، فإنه لا يزال يعتمد بشكل مطلق على الإنفاق الحكومي في نموه. فلو تم استبعاد التغير في أسعار النفط من التأثير في حجم الاقتصاد، لوجدنا أن ما حققه الاقتصاد من نمو، بشقيه العام والخاص، في العام الماضي كان هامشيا لا يتواكب مع حجم متطلبات الاقتصاد، أو حتى على أقل تقدير، النمو السكاني الطبيعي. ولكن ما حدث من مراجعة جوهرية كان ضروريا وحتميا. فمعرفة الحكومة أن إنفاقها هو المحرك الأساس للاقتصاد كان يعني بالضرورة أهمية رفع كفاءة هذا الإنفاق. فالشح في هذا الإنفاق الملازم لانخفاض أسعار النفط يستلزم تعويضه عبر خفض الهدر إلى أدنى حد ممكن، بهذه الطريقة يتم رفع مضاعف المصروفات الحكومية، حيث يولد كل ريال تنفقه الحكومة كمية أكبر من الريالات كمحصلة نهائية في الاقتصاد.
حددت الحكومة فترة التحول هذه التي سيكون الاقتصاد بعدها قادرا على الابتعاد تدريجيا عن النفط بخطة التحول الوطني التي تنتهي عام 2020. وحتى لا يتم إثقال كاهل الميزانية أو الوضع المالي للدولة، فقد تم التأسيس لبرنامج التوازن المالي، حيث نصل إلى هدف رفع كفاءة الإنفاق الحكومي بأقل التكاليف الاقتصادية الممكنة. مقياس الأداء الأهم في هذه المرحلة سيكون نسبة نمو الناتج المحلي غير النفطي نسبة إلى مستوى الإنفاق الحكومي. فكما تتم متابعة نسبة الزيادة في الإنفاق الحكومي عاما بعد عام، ستتحول الصورة في المرحلة اللاحقة، بعد فطام النمو عن الإنفاق الحكومي إلى الناتج المحلي مباشرة.
مع نهاية خطة التحول الوطني، تبدأ مرحلة تعويض النمو الاقتصادي، بما يضمن زيادة رفاهية المواطن. وقتها سيكون الإنفاق الحكومي أكثر ذكاء حيث يتوجه إلى المصارف الأهم ذات المردود الأعلى، إضافة إلى مساهمة أكثر فعالية من القطاع الخاص بعيدا عن قطاعات البنية التحتية والمقاولات والمناقصات الحكومية. ونظرا لتوازن الموارد المالية للدولة، إضافة إلى ارتفاع الكفاءة، سيكون للإنفاق الحكومي عودة لدفع النمو دون أن يكون قاطرته الوحيدة.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال