الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عقود طويلة والقطاع الخاص السعودي يُدلّل ويحصل على ما يريد من الدعم المالي والنظامي والحماية من المنافسة وحتى حماية المحتكر وما أكثر المحتكرين في السوق السعودي ، كل ذلك (الدلع) والشركات تجني الأرباح فوق الأرباح دون أن تُفرض عليها أي إلتزامات مالية ومعنوية تذكر . وليس للقطاع الخاص أي خدمة مجتمعية حقيقية يمكن أن نسميها خدمة مجتمعية ، عدا بعض المساهمات الخجولة ومعظمها تنصبّ في دعم بعض الإحتفالات والمناسبات الحكومية أو إقامة بعض المناشط التي تظهر إعلاميا أكثر من أثرها في المجتمع .
وظل القطاع الخاص طوال تلك العقود يروج لمقولة أن الشباب السعودي غير مؤهل للأعمال وغير راغب في العمل الشاق ، ولشدة ما رُوج لتلك الكذبة كاد الشباب تصديقها ، لكن الأسوأ أن القطاع الخاص صدق كذبته وظل متعلقا بالعامل الأجنبي يفضله على السعودي في التوظيف والأجر والمميزات والحماية من التسريح ، حتى بعد أن حصل الشباب السعودي على أفضل الشهادات في كافة التخصصات ومن أفضل الجامعات في العالم مع ما تخرجه الجامعات السعودية المميزة لم يتخل القطاع الخاص عن نظرته تلك .
سقطت تلك المقولة مجتمعيا ، ولم تعد مقبولة رسميا مع الأعداد الكبيرة للعاطلين السعوديين المؤهلين الذي أثبتوا كفاءتهم في مختلف الأعمال ، ومع الأعداد الكبيرة جدا من العمالة غير السعودية في القطاع الخاص أضطر القطاع الخاص للرضوخ لضغوط الحكومة بتوظيف أعداد أكبر من السعوديين ، ولأن ذلك القطاع تعود (الدلع) من الأب الحنون فقد كانت موافقته بالتوظيف مشروطة بحق الإستغناء دون تحمل أي أعباء تذكر فكان له ما أراد من خلال مواد الفصل الثالث المتعلق بإنهاء عقد العمل ، ليس ذلك فحسب بل حصل على دعم مادي ومزايا في النظام عند توظيفه سعودي .
تسابقت الشركات في توظيف السعوديين لإيقاف ضغط الحكومة من جانب وللحصول على كثير من المزايا من جانب أخر ، ولإسكات الهجوم الشرس من المجتمع فوق (البيعة) . ولأن ذلك التوظيف لم يكن مبنيا على أساس اقتصادي صحيح فإنه لم يكن توظيفا حقيقيا بل وهميا بأشكال مختلفة ، والدليل الخفي إحتفاظ الشركات بعمالتها غير السعودية ، بل إن الإستقدام في تلك الفترة وحتى الأن إزداد بشكل ملحوظ وقد إستفادت الشركات من تسهيلات توظيف السعوديين وكثفت من إستقدام العمالة الأجنبية .
وعندما اشتدت الظروف الاقتصادية وتراجع قليلا (التدليل) الحكومي للقطاع الخاص ظهرت حقيقة ذلك التوظيف الوهمي بتسريح أعدادا كبيرة جدا من العمالة السعودية في القطاع الخاص ، وكان أخرها ما حدث من شركة عبداللطيف جميل ، التي لم تكتفي بتسريح آلاف من الشباب السعودي في السابق لتضيف إليهم آلاف أخرى في أخر دفع من التسريحات . وما ننتظره من تسريحات أخرى من شركات أخرى ينذر بأزمة حقيقية ستكون لها آثار مؤلمة جدا على الإقتصاد والمجتمع على حد سواء .
نعلم أن الأزمات الاقتصادية كالتي نعيشها الأن أول ما تلقي بظلالها على العمالة في القطاع الخاص ، فيتراجع معدل التوظيف ويزداد حجم التسريح من العمالة الزائدة أو التي يمكن الإستغناء عنها لخفض التكاليف الثابتة لأدنى درجة ممكنه للحفاظ على كيان الشركة من الإفلاس ، والاقتصاد السعودي ليس إستثناء .
لكن أن تحتفظ الشركات السعودية بالعمالة غير السعودية وتسرح العمالة السعودية فذلك غير مقبول أبدا وما لا يمكن حدوثه في أي مكان من العالم ، وأن تبدأ الشركات في التسريح وهي في منطقة آمنة جدا من الخسارة فهذا غير مبرر و لاتفعله شركة محترمة ، وكيف لمحتكر في اقتصاد قوي أن يخسر؟؟؟ بإختصار الشركات السعودية لا ترغب في تحمل أي من تبعات الإصلاحات الاقتصادية وأزمة تراجع أسعار النفط وإن كانت قادرة على ذلك لأنها تعودت على (الدلع) .
مع ذلك أقول ليست المشكلة في الشركات السعودية بل في نظام العمل والعمال الذي صُمم ليخدم القطاع الخاص (المدلع) كثيرا ، ولم يُصمم لحفظ حقوق الشركة والعامل على حد سواء . ماذا لو أن لدينا نقابات عمال ؟ هل كانت المادة 77 من النظام وما سبقها ستمر وتطبق على العامل بهذه البساطة ؟؟ لا أعتقد لأنها تعطي الحق للقوي أن يستخدم قوته دون تكلفة تذكر .
أخيرا لن يتحسن وضع سوق العمل ولن يتم حل مشكلة البطالة بين الشباب السعودي ولن يتوقف هذا التسريح العبثي للموظفين السعوديين من وظائفهم في القطاع الخاص ما لم يتم إصلاح نظام العمل المحابي للشركات على حساب العامل ، ورفع كلفة العامل الأجنبي لتفوق العامل السعودي من خلال الضرائب على الشركة والعامل على حد سواء ، ومن خلال إصلاح التوصيف الوظيفي ونظام الأجور ، وإلغاء نظام الإستقدام بهذا الشكل العبثي وإصلاح أو إلغاء نظام الكفيل .
أن نسجل أعلى معدلات البطالة بين أبناءنا على مستوى العالم ونحن نسضيف أعدادا من العمالة الأجنبية تفوق عدد الشعب السعودي القادر على العمل فذلك دليل على فشل تنظيمي مخزي .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال