الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تنويع مصادر الدخل أحد أهم النتائج التي خرجت بها “رؤية المملكة 2030م” لتخفيف الاعتماد على النفط وهي نقطة انطلاق للتحول الوطني 2020م التي تعمل عليها المملكة حاليا، وبدأت فعليا بخطوات عملية لتخفيف الاعتماد على النفط والعمل على تنفيذ برامج ذاتية تمكن المؤسسات الحكومية من الاستفادة من أصولها لاستثمارها في مجالات متنوعة يمكن لها أن تحقق دخلا مناسبا، ما يخفف من اعتمادها الكامل على الميزانية الحكومية، وفي هذه المرحلة المهمة التي تعد مرتكزا لنقطة التحول من أهمية الأخذ بالاعتبار بعض التحديات التي يمكن أن تواجه هذا التوجه من أهمها التأثير في مستوى تقديم الخدمات، فعلى سبيل المثال عمدت وزارة التعليم إلى الإعلان عن رغبتها في تأجير مجموعة من الأراضي التي تم تخصيصها لبناء مدارس حكومية. وهنا يمكن أن يتساءل البعض، ففي الوقت الذي يعاني كثير من الأحياء عدم وجود مدارس كافية نجد مثل هذا التوجه من قبل الوزارة ما يؤثر في كثير من الطلاب الذين تكتظ بهم المدارس خصوصا مع تزايد عدد السكان والحاجة إلى بناء مزيد من المدارس، علما بأن هذا الأراضي تعد ممتلكات حكومية ولدى المؤسسة الحكومية قدرة أفضل في توظيف هذه الأصول مقارنة بالوزارات، كما أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يمارس من قبل مؤسسات أخرى مثل القطاع الصحي فيما يخص الأراضي المخصصة للمستوصفات مثلا أو البلديات فيما يتعلق بالأراضي المخصصة لبناء الحدائق والخدمات العامة، وهذا الخيار يعد الطريقة الأسهل للحصول على دخل إضافي للمؤسسات الحكومية، لكن لا يقدم فعليا قيمة مضافة للاقتصاد من قبل تلك المؤسسة باعتبار أن هذا أمر يقوم به صندوق الاستثمارات العامة مباشرة، ولا شك أن هذا خيار يمكن اللجوء إليه في حال تم التأكد تماما من عدم الحاجة إلى تلك الأصول وأن يكون تأجيرها لفترة محددة وليس لمدد طويلة باعتبار أن الأراضي تم تخصيصها بناء على دراسة من قبل الجهات المختصة لحاجة فعلية إليها وإلا سيؤدي مثل هذا الإجراء إلى أن تراجع المؤسسة الحكومية طريقة تخصيص الأراضي للوزارات.
وفي حالة وزارتين مثل الصحة والتعليم ينبغي العمل على برامج تعد من نقاط القوة التي تتمتع بها، فقطاع التعليم يمكن أن يستثمر بطرق مختلفة مثل أن يقدم مواد وبرامج تعليمية إضافية بمقابل خصوصا فيما هو من اهتمام المجتمع مثل تقديم خدمات لتعليم اللغة الفرنسية أو الإسبانية مثلا، أو من خلال تقديم برامج تدعم تعليم الطلاب لمزيد من المهارات في العلوم والرياضيات. من الطرق التي يمكن أن تستثمر فيها وزارة التعليم الاستفادة من المدارس التي تقع في مواقع تجارية لتخصيص جزء من هذه الأرض في بناء محال تجارية وتأجيرها دون التأثير في احتياجات المدرسة التعليمية، ومن المقترحات مثلا الاستفادة من المنشآت التعليمية خارج أوقات العمل الرسمي لتأجير المنشآت التعليمية بغرض تعليمي أو ترفيهي، كما يمكن للوزارة أن توظف قدراتها التعليمية في إعداد برامج وتطبيقات ومواد تعليمية وتوظيفها بصورة يمكن أن تحقق عائدا لوزارة التعليم وهذا الاتجاه هو الذي يميز المؤسسة التعليمية ويجعل لاستثماراتها قيمة مضافة وقد تكون مرجعا عالميا أو إقليميا في بعض البرامج التعليمية.
في الجامعات نجد أن بعضها حاليا بدأ يؤجر الأراضي التي خصصتها لها الحكومة لأغراض تجارية بغرض تنويع مصادر الدخل ولا شك أن هذا يمكن أن يكون أحد الخيارات السهلة لتلك المؤسسات لتحقيق دخل إضافي لكن في الوقت نفسه نجد أن بعض هذه المؤسسات يبحث أو يطلب من الدولة تخصيص أراضٍ إضافية لها بسبب حاجتها إلى مساحات إضافية لإنشاء مبانٍ أكاديمية أو توسيع بعض خدماتها، على الرغم من أن من نقاط القوة التي ينبغي على الجامعات العناية بها وهي محضن للعقول والفكر في الوطن أن تبحث من خلال إمكاناتها العلمية عن مصادر للدخل من خلال المراكز البحثية التي تعد أحد أهم ما يميز مؤسسات التعليم الجامعي، مع الإشادة بمبادرات بعض الجامعات الحكومية بإنشاء أوقاف والبدء بمشاريع يمكن أن تحقق دخلا جيدا لهذه الجامعات.
لا بد من الإشارة إلى أن برامج بعض المؤسسات الحكومية لتنويع مصادر الدخل ينبغي أن يكون رافدا وليس منافسا للقطاع الخاص الذي تسعى «رؤية المملكة» لدعمه في زيادة مساهمته في الناتج المحلي وأن تزيد حصته بصورة مستمرة في المستقبل.
فالخلاصة أن التشجيع الحكومي للوزارات لتنويع مصادر الدخل ينبغي أن يتم التركيز فيه على تقديم قيمة مضافة للاقتصاد وليس من خلال استغلال ما تم تخصيصه من قبل المؤسسة الحكومية للوزارات لتأجيره، في حين أنه يمكن للمؤسسة الحكومية استغلاله بصورة تعد أكبر كفاءة من إدارة تلك الوزارات لتلك الأصول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال