الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهدت الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية تقدماً كبيرا خلال السنوات العشر الماضية حيث أنشئ العديد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في العديد من الدول على اختلاف أوساطها الاجتماعية والاقتصادية، ولعل من روادها الأوائل وأبرز الداعمين لها، صاحب السمو الملكي الأمير محمد الفيصل، رحمه الله، وقد هدفت هذه الصناعة منذ نشأتها إلى توفير المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك لتمكين المسلمين من إجراء معاملات مالية إسلامية، لا تكون في الواقع ممكنة من خلال صيغ التمويل التقليدي، ويقوم الباحثون من المسلمين بإنتاج بحوث جيدة معنية بتوضيح بعض المبادئ والاستراتيجيات المتعلقة بهندسة التمويل الإسلامي. ولكن هل أصبحت الصناعة الإسلامية قادرة بالنهوض بمنتجاتها وتقديمها كمنتجات إسلامية منافسه؟
تنقسم المؤسسات المالية الإسلامية إلى ثلاثة أقسام: المصارف، والشركات المالية والاستثمارية، وشركات التأمين التكافلي (الإسلامي)، وسأستعرض هنا آخر أقسامها. يستخدم التأمين في الماضي بشكل عام في حماية الفرد والأسرة من عسر مالي في حال الوفاة المبكرة، وفي الوقت الحاضر (في أوروبا والدول المتقدمة) يستخدم التأمين كأداة للاستثمار والتخطيط العقاري، أما في الدول النامية فمازال التأمين يرى على أنه وسيلة أمان، ويعتبر تعظيم الأرباح للمساهمين الهدف الأساسي لأي شركة تأمين تقليدية ويعد هذا الهدف ليس ببعيد عن الهدف الحالي لشركات التأمين التكافلي، حيث أن صناعة التأمين التقليدي أقدم، وأرسخ، وأكثر قبولا من التكافل.
تأثرت منتجات التأمين التكافلي من تصميم وصياغة العقد إلى التسويق الاستراتيجي بمنتجات التأمين التقليدية، وبدت غير قادرة على الانفصال عن نموذج التأمين التقليدي، لذا يقوم العديد من مزودي منتجات التأمين التكافلي بتسويقها من خلال بيع ميزات المنتج بدلا من تصميم المنتجات الموافقة للقيم الإسلامية، وهذا يعني أن شركات التأمين التكافلي تتنافس مع شركات التأمين التقليدية في تقديم منتجات متشابهة وليس من حيث الأساس المالي الإسلامي. لا يمكن أن ننكر أن ميزات المنتج مهمة في صناعة المنتج، ولكن ينبغي أن تستند منتجات التأمين التكافلي على الفارق الأساسي لها وهو خلوها من العناصر المحرمة وموافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
تواجه منتجات التكافل في الوقت الحالي قضيتين أساسيتين، الأولى: افتقارها إلى الإبداع وأنها عالقة في إعادة تسمية منتجات التأمين التقليدية الحالية بدلا من هندسة منتجات فريدة في الشكل والمضمون. القضية الثانية: على الرغم من أن التكافل قائم على مفهوم التبرع، إلا أنه لا يزال منتج ربحي وليس كما يتم تصويره.
إن العمل على تحسين آليات التأمين التكافلي وخصوصا استيعاب المخاطر التي تنتج عن التكافل من خلال صياغة عقود مربحة سيزيد من جلب مفهوم “المنفعة”، لذا يتوجب على شركات التأمين التكافلي توضيح هذا اللبس وتقديم المنتجات بشكل واضح وعلى أنه منتج ربحي. فمن أجل أن تنجح منتجات التأمين التكافلي وتنافس، لابد أن يكون هناك تمايز ملموس بينها وبين منتجات التأمين التقليدي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال