الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
(تكاليف المعيشة، نسب البطالة، تكاليف السكن) جميعها تتأثر سلباً وايجاباً بالوضع العام للاقتصاد، متى ما تحسنت بيئته تقلصت مساؤها، ومتى ما شابها خلل وفساد برزت على السطح.
قطاع الإسكان في المملكة أكبر أزماته تسبب فيه اقتصاد ريعي رافقه سلوك غير سوي خلال عقود مضت فرطت معه الدولة فيما هو حق أصيل للمواطن في تملك أرض مطورة بطريقة لا تثقل كاهلة، فقد طوقت المدن بمنح مليونية خنقت أهلها بشكل حاد، وما نحصده اليوم من أزمات مع تأخرنا في اتخاذ معالجات حازمة هو نتاج طبيعي لذلك.
لقد شكلت أزمة السكن أكبر خلل في أركان التنمية لما لتعاظم أثرها السلبي دون حلول على مدى عشر سنوات ما أدى لأن تقف خلالها أغلب الأسر عاجزة أمام قدرة التملك، بعدها بدأنا في اتخاذ خطوات جريئة لحلحلتها بدءاً بالرسوم على الأراضي البيضاء (والتي تأخرت كثيراً) وآخرها شهدناه إعلان وزارة الإسكان مؤخراً “الدعم الذكي” “توزيع أراضي” “توزيع مساكن”، فالرسوم وبرامج الدعم وما رافقها من برامج أخرى تتعلق بتحسين بيئة الاستثمار “المنتج” في القطاع العقاري هي في المجمل من حيث المبدأ رائعة ومترابطة تخدم على المدى أهم ركن تنموي وهو “السكن”.
التغير الشامل في نظرة الدولة لمواردها ومصروفاتها وعدم الاعتماد على النفط تحت مسمى “برنامج التحول” و “رؤية 2030” أتى بعد حقبة من الزمن كانت السيولة فيها تدفق بمقاييس الدولة الريعية لا بمقاييس الاقتصاد الحقيقي، وفي ظل عدم وجود سياسات مالية تفرض حكمها على توجهات تلك السيولة (رسوم الأراضي كمثال) والقصور في الأنظمة وما رافقها من ممارسات بيروقراطية أصبحنا تحت رحمة مضاربين ومكتنزين لاقتناص أكبر هوامش ربحية دون تقديم أي اضافة للاقتصاد وعلى حساب دخول ومدخرات العامة.
“برنامج التحول” و “رؤية 2030” ومنطلقاتها بلا شك ألقت بظلالها على قطاع العقار بكافة مكوناته والسكني بوجه خاص، حيث التوجه في تقييمه أصبح مستندا على معطيات وقدرات اقتصاد حقيقي، هذا التوجه (إن التزمنا بتنظيرات الرؤية) وتطبيقها على الواقع يخلق بيئة متوازنة تدعم النمو والتنمية وتعيد أسعار العقار السكني، والأراضي تحديداً لمسارها الطبيعي.
ما يدعوا للتفاؤل أن معالجة سوق الاسكان تتجه في خطين لهما أهمية قصوى الأول فرض رسوم لتحرير أراضي مليونية مكتنزة والثاني احترازي بالحفاظ على الأراضي الحكومية وضبطها تحت أملاك الدولة.
المعالجة الثانية لازالت قاصرة ويجب يتبعها البدء في ادارة تلك الأراضي بطرق سريعة يرى المجتمع ايجابية نتائجها ماثلة أمامه وهو ما يعيب الإسكان حتى الآن، فابسط الطرق وأسرعها والتي تتبعها كثير من دول العالم أن تقوم الإسكان بطرح قطع أراضي خام للمستثمرين لتطويرها ثم بيعها كأراضي على المواطنين بأسعار تنافسية يقدمها المستثمر وتتحدد كلفتها بالتطوير مع هامش ربح المطور.
ختاماً فالسياسات المالية والإجراءآت التنظيمية التي اتخذتها الدولة حتى الآن وما يجب عليها القيام به في تخصيص مساكن لمن لا قدرة له مع معالجة أراضي الدولة وتحولها لمسار التطوير والبيع ستصبح أزمة السكن وما خلفته من أزمات اجتماعية، اقتصادية من الماضي وسيتحول هذا المجتمع بتوفيق الله من همومه في بناء سكنه إلى توجه لبناء وطنه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال