الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لن تكون السنوات الثلاث القادمة سهلة على المواطن السعودي أبدا ، بل قد تكون أصعب ثلاث سنوات في الخمسين سنة الماضية من تاريخ الشعب السعودي .
والصعوبات القادمة ليست وليدة اللحظة بل بدأت العام ٢٠١٤ مع تراجع أسعار النفط بنسبة كبيرة جدا تجاوزت ٧٠٪ عما كانت عليه بداية ذلك العام ، لتتسبب في تسريح عددا كبيرا من السعوديين من وظائفهم المؤقتة في القطاع الخاص نتيجة توقف صرف مخصصات الشركات المشغلة لهم، تبع ذلك رفع رسوم عدد من الخدمات البلدية والتجارية .
ومع نهاية العام ٢٠١٥ كانت الميزانية السعودية تعاني من عجز تجاوز ٣٦٠ مليار ريال ، ومع استمرار تراجع أسعار النفط وتزايد الإنفاق الحكومي بسبب الحرب ومشاكل الإرهاب والمشاكل السياسية في المنطقة أضطرت الحكومة لإجراءات تقشفية شديدة في الإنفاق العام ، تمثلت في إيقاف العلاوة السنوية لجميع موظفي الدولة وإلغاء بدلات وإيقاف اعتماد المشاريع الجديدة . ثم مع نهاية العام ٢٠١٦ صدر عدد من القرارات مع صدور الميزانية الجديدة شملت زيادات في أسعار الوقود على مرحلتين تنتهي بتحرير أسعار الوقود في المملكة لتصبح مماثلة للأسعار العالمية ، ورفع أسعار الكهرباء بنسبة لم تتضح بعد ، ورسوم المياه في طريقها للارتفاع العام بعد القادم ، بعد أن تم رفعها ثم أعيد مراجعة ذلك الرفع.
كما سيتم فرض ضرائب على سلع مختارة بنسبة تصل ١٠٠٪ ، وستطبق العام ٢٠١٨م ضريبة القيمة المضافة على جميع السلع بالتزامن مع جميع دول الخليج . أخيرا القرار المنتظر قريبا بإعادة هيكلة رواتب المعلمين ، ومن غير المعروف حتى الأن ماهية تلك الهيكلة، وإن كانت المؤشرات قياسا بما سبق من قرارات لن تكون في صالح الموظف، ولا أعتقد أنها ستقتصر على المعلمين .
ملخص ما سبق أن دخل المواطن انخفض بدرجة كبيرة جدا ، كما ارتفعت التكاليف على كاهل المواطن من رسوم وضرائب . لذلك قررت الحكومة التخفيف من وطأة تلك القرارات بإنشاء حساب المواطن لتقديم الدعم لذوي الدخل المحدود حسب شرائح محددة . وهذا الحساب وإن إتفقنا على أهميته فإننا نرى فيه الكثير من العيوب التي تحد من أثره . لعل أهمها أمران ؛ أولا جعل الأسرة ذمة مالية واحدة ويعلم الجميع حجم المشاكل لهذا الأمر سابقا دون تكاليف كبيرة ، فماذا سيحدث في ظل الأزمة القادمة ؟؟. كما أن لهذا القرار آثاره السلبية على من يستحق الدعم من عدمه .
وثانيا اقتصار الدعم ومقداره على حجم دخل الأسرة وعددها ، وتجاهله للتكاليف المختلفة التي تتحملها الأسرة التي لا يمكن حصرها ، وقد تصبح أسره غير مستحقة للدعم بناء على نظرة البرنامج أسرة فقيرة بعد تطبيق الزيادات المقررة في الميزانية بسبب تكاليف معيشتها المرتفع والتي سترتفع أكثر .
رفع الكهرباء يعني تضخم لأنها سلعة تدخل في تكاليف جميع السلع والخدمات ، رفع الوقود يعني تضخم لأنه كذلك يدخل في تكاليف جميع السلع والخدمات ، رفع المياه يعني تضخم لأنه يدخل في تكاليف جميع السلع والخدمات . ضريبة القيمة المضافة سترفع السلع مباشرة أي أنها تضخم . الضرائب القادمة على العمالة الوافدة وأسرهم سوف يعوضونها من خلال رفع أجورهم وأسعار خدماتهم وسلعهم ، يعني تضخم . ومن المعلوم أن تضخم أي سلعة قد يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تضخم سلع وخدمات أخرى ، نحن أمام دائرة الضخم تتسع بإستمرار لتشمل كل البحيرة (الاقتصاد) .
وذلك التضخم يعني تكاليف ضخمة على الشركات في مقابل ركود نتيحة تراجع دخل المواطن وخصوصا الطبقة الوسطى ، من هنا ستسعى الشركات إلى خفض تكاليفها الثابتة والمتغيرة وأول تلك التكاليف الأجور ، أي أنها ستعمل على تسريح أكبر عدد ممكن من العمالة . وذلك ما حدث ويحدث وسيحدث مستقبلا ، أي أن الأسر لن تواجه التضخم المستمر فقط بل ومزيد من تراجع دخلها إما بخفض الأجور أو بإنقطاعه تماما بالتسريح .
بعد كل ذلك أسأل القائمين على حساب المواطن وتحديدا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ، هل يستطيع حساب المواطن حماية الطبقة الوسطى من التآكل ؟؟؟ إن لم يفعل (ولا أظنه) فتلك كارثة لا يمكن توقع ولا تقدير نتائجها مستقبلا .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال