الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من أصول تحضير وإصدار البيانات المحاسبية للشركات أن تعد القوائم المالية ويوقع عليها المدير المالي والرئيس التنفيذي وبعد ذلك يتم اعتمادها من قبل مجلس الإدارة وتصدر مرفقة بتقرير من مراجع الحسابات القانوني الموجه إلى المساهمين. تتم تلك الإجراءات في معظم الأحيان بطريقة شكلية حيث يتم جمع التواقيع المطلوبة بدون أن يحصل فعليا أي نقاش حقيقي للبيانات ليفهم كل صاحب توقيع مسؤوليته عن ما يوقع عليه. حتى مراجع الحسابات الذي تنص الإجراءات الرقابية ان مهمته تنحصر في مراجعة القوائم وإبداء الرأي، فإنه قد يقوم بإعداد البيانات بنفسه بسبب ضعف المسؤولين في الشركة.
لا يختلف الأمر كثيرا بين الشركات المساهمة وغيرها إلا من جهة تنظيم الإجراءات بطريقة أفضل شكلا وصورة. فليس غريبا أن نجد رئيسا تنفيذيا أو أعضاء في عدة مجالس إدارة لا معرفة لديهم بمباديء محاسبية بسيطة وأساسية ويقتصر اطلاعهم على رقم المبيعات والأرباح. العذر دائما أنهم ليسوا محاسبين وهناك من مهمته أن يهتم بالأرقام وتفاصيلها.
هناك فرق بين أن يكون المسؤول محاسبا وبين أن تكون لديه القدرة على فهم الأمور المحاسبية كونه يتحمل مسؤولية عنها. ومع أن التشريعات في كثير من الأحيان تفرض أن يكون شاغل منصب معين لديه خبرة في قراءة البيانات وفهمها إلا أن الواقع بعيد كل البعد عن الالتزام بذلك.
في الشركات الناجحة وخصوصا في الدول الأجنبية المتقدمة، يكون حملة المناصب قد حصلوا على دورات في قراءة البيانات المحاسبية وفهمها وتحليلها وليس بالضرورة أن تكون تلك الدورات رسمية أو في جامعات أو معاهد. قد تكون في داخل الشركة من قبل متخصصين وتشمل الاطلاع على بيانات مالية كثيرة من أنواع مختلفة بحيث يصبح الشخص قادرا على التمييز بين الأرقام وربط ما يتم عرضه عليه بالأعمال الأخرى التي يقوم بها والأهم من ذلك أن لا يتم تمرير أخطاء جوهرية في الأرقام بدون علمه.
من المخجل جدا أن نرى مسؤولين تنفيذيين كبار يخرجون في لقاءات إعلامية لمناقشة بيانات تخص شركاتهم وهم لا يتمكنون من التفريق بين مصطلحات محاسبية تخص الأرقام التي يتحدثون عنها. أما المؤسف فهو أن يثق المستثمرون بشركات يديرها أولئك المسؤولون بدون أن يلاحظ المستثمرون أنهم معرضون في أي وقت لخسائر وفضائح مالية قد تمر من تحت عيني المسؤول دون أن يرف له جفن والشواهد كثيرة. الاعتماد على تقرير المراجع القانون وحده لا يكفي اذا لم يكن أعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي على علم بتفاصيل البيانات وأبعادها.
عندما تكون الشركة تحقق أرباحا فإن المشكلة قد لا تظهر ويتم التعايش معها. لكن عندما تغرق الشركة في خسائر متتالية ويستمر الوضع كما هو بنفس الأشخاص والمديرين فإننا يجب أن نتوقف ونعيد النظر في كل العوامل وأهمها البيانات الحسابية وطريقة تحضيرها. لا أفهم كيف لشركة تبلغ خسائرها المتراكمة نسبة كبيرة من رأس مالها ولا يقوم مجلس إدارتها بدق ناقوس الخطر مبكرا. لا يمكن أن يتم تجاهل ذلك الا اذا كان أعضاء المجلس لا يفهمون الأرقام التي تعرض عليهم ويقومون بالتوقيع عليها روتينيا. أحيانا عندما حصلت فضائح محاسبية في شركات، وجدنا أعضاء في مجلس الإدارة يقولون أنهم لم يعرفوا بها واعتمدوا على المراجع القانوني وفاتهم أنه ليس مسؤولا أمامهم بل هو مسؤول مثلهم أمام المساهمين.
لا بد من فرض إجراءات الحوكمة في الشركات المساهمة بشكل أكبر بالإضافة الى التشدد في منح الموافقات على شَغل المناصب الإدارية والتنفيذية بالتدقيق في خبرات المرشحين لتلك المناصب وإعطاء الجانب المحاسبي وزنا مهما لأنه في النهاية المعيار الذي يتم استخدامه في التقارير والإفصاحات.
أما من جهة المدراء وأعضاء مجالس الإدارة فإنه يتوجب عليهم أن يقوموا بالبحث وحضور الدورات اللازمة ليرفعوا من خبرتهم المحاسبية الى الدرجة المطلوبة…اذا كان الأمر يهمهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال