الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سوق الأوراق المالية ـــ أو ما تسمى بالسوق المالية ـــ لها أهمية كبيرة لا تختلف عن سوق العقار أو المشاريع الإنتاجية أو الخدمية. وقد شهدت سوق المال السعودية خلال فترة ماضية تطورا كبيرا وجنى منها المستثمرون أرباحا هائلة بمن فيهم صغار المستثمرين. ولكن السوق أخذت منحى آخر، حيث أثر نمو سوق المال غير المنضبط في مجالات إنتاجية وخدمية وحكومية عندما أحدثت خللا في أعمال المستثمرين الحقيقية في قطاعات الدولة كما قام البعض بتصفية استثماراتهم في القطاعات التقليدية الأخرى كالعقارات ونحوها، واتجهوا بقوة للاستثمار في سوق الأوراق المالية.
وبما أن النمو كان عشوائيا فقد قلبت السوق للمستثمرين ظهر المجن وحدثت عدة انهيارات، وعدة أزمات، وانتكاسات أدت إلى خسائر فادحة خصوصا ذلك الانهيار الذي حدث في شباط (فبراير) 2006 ما أصابهم بالدهشة والصدمة،
وبما أن الاستثمار في السوق المالية في تلك الفترة كان نشاطا جديدا وغير مألوف لدى الشركات والأفراد على حد سواء، ولهذا كان يحتاج إلى دراسات نوعية وتوعية مستمرة وتدريب مكثف حتى يتضح للشركات والمستثمرين طبيعة هذا النوع من الاستثمار وتوضح معالمه وكيف يختلف عن الأنشطة الأخرى.
إن وجود دراسات ميدانية توضح الحالة الحقيقية لسوق المال السعودية سيسهم في عدة أمور منها أنها (أي المنهجية العلمية) ستسهم إلى حد كبير في التعرف على حالة الشك وعدم الثقة لدى المستثمرين في أعقاب الأزمة المالية.
فإخضاع السوق للمنهجية العلمية سيحل مثل هذه الإشكالية حيث ستسهم الدراسات في التعرف على المشكلات والمعوقات التي تواجه المستثمرين عند تعاملهم في سوق الأوراق المالية وتقترح الحلول للتغلب عليها ما سيزيد من الثقة بالسوق ويشجع غير المستثمرين أو المترددين على استثمار أموالهم في سوق الأوراق المالية، وهذا بدوره سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الكلي.
بطبيعة الحال هناك محاولات بحثية ولكنها غير جادة، أغلبيتها تناولت بعض الشرائح من المستثمرين في السوق المالية دون تركيز واضح على صغار المستثمرين الذين يعدون من ركائز الأسواق المالية. كما أن أغلبية الأبحاث الميدانية في مجال “الأوراق المالية” ركزت على الجانب التحليلي للأحداث اليومية للسوق أو الجانب المحاسبي، أما الأبحاث التي تهتم بدراسة توجهات وسلوك المستثمرين فما زالت محدودة.
على سبيل المثال هناك دراسة استطلاعية بسيطة عن سوق الأوراق المالية السعودية أجريت بعد الأزمة المالية التي تعرضت لها سوق المال، توصلت مبدئيا إلى أن أهم الدوافع التي تدفع المستثمرين نحو التعامل مع السوق المالية السعودية يتمثل في العوائد المرتفعة من هذا الاستثمار في فترة قليلة مقارنة بالمجالات الاستثمارية الأخرى وخضوع السوق المالية السعودية لمعايير السوق الحرة التي يحكمها العرض والطلب وأنه يتم إصدار وتداول الأوراق المالية بناء على لوائح وقواعد محددة سلفا إضافة إلى ثقة المستثمرون بتنفيذ العقود.
ورغم وجود هذه الدوافع إلا أن الدراسة بينت عدة معوقات تحد من كفاءة السوق منها أن إجراءات البيع ونقل الملكية للأوراق المالية تستغرق وقتا طويلا وأن هناك تأخرا عند تنفيذ عمليات البيع والشراء كما أن إجراءات التداول لا تتصف بالشفافية وصعوبة تكوين وإدارة محافظ صغار المستثمرين إضافة إلى انعدام مكاتب متخصصة تقدم خدماتها لصغار المستثمرين، وانخفاض دور هيئة سوق المال في وضع الضوابط والضمانات لضبط آليات العمل داخل البورصة. ووفقا لهذه الدوافع وتلك المعوقات نجد أننا في حاجة إلى إيجاد إجابات للتساؤلات التالية:
ــــ هل توجد حالة من الشك وعدم الثقة لدى المستثمرين عند تعاملهم في السوق المالية؟
ــــ ما طبيعة الدوافع التي تدفع صغار المستثمرين إلى الاستثمار في السوق المالية؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
ــــ ما طبيعة المعوقات التي تواجه المستثمرين في السوق المالية؟ وكيف يمكن تصنيفها؟.
ــــ هل توجد اختلافات بين فئة المستثمرين في السوق المالية، وفئة غير المستثمرين، حسب الخصائص الديموغرافية لكل فئة؟
بطبيعة الحال الدراسة الاستطلاعية بينت لنا ملامح السوق وبعض الدوافع والمعوقات ولكنها لا يمكن أن تقيس كفاءة السوق ولا يمكن أن تحدد أهم الدوافع والمعوقات، ولهذا نحن في حاجة إلى دراسات استقرائية وأخرى استنتاجية تقوم بتحليل سلوك صغار المستثمرين وترتب لنا أيا من هذه المعوقات له تأثير كبير في سلوك صغار المستثمرين وأيا من هذه الدوافع يفعل ذلك أيضا.
وفي ضوء النتائج التي سيتم التوصل إليها يمكن الخروج بعديد من التوصيات التي يمكن لمتخذي القرار وواضعي السياسات الخاصة بالسوق المالية الاسترشاد بها في هذا المجال. نريد كل هذا حتى نبتعد عن العشوائية ونوجه سوق الأوراق المالية إلى العمل بكفاءة وفقا للمعطيات ولما يمليه الواقع ومن أجل أن نعيد الثقة إلى السوق المالية.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال